للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الأول: وجوب الزكاة]

[آراء العلماء في اعتبار النصاب لوجوب أداء الزكاة]

س: لماذا لم تتقيد الزكاة بالنصاب الشرعي في بلادنا بل إنها تؤخذ على كل محصول قل أو كثر؟

جـ: اعلم بأن العلماء اختلفوا في الزكاة هل يعتبر فيها النصاب أم لا، ذهب الجمهور من العلماء وهو الذي نص عليه أئمة المذاهب (الشافعي و الحنبلي و المالكي و الزيدي الهادوي) إلى أن من شرط وجوب الزكاة أن يكون المال قد بلغ النصاب وهو في الحبوب تسعة عشر قدح صنعاني إلا ربعاً، وذهب (الحنفية) وحدهم إلى أن الزكاة تجب في القليل والكثير ولا يعتبر النصاب، وهذا هو المعمول به في اليمن، والصحيح: هو المذهب الأول الذي ذهب إليه الجمهور لأن الأدلة العامة الدالة على وجوب الزكاة، منها قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (١) وقوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٢) وحديث (فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ، تُؤخَذُ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فُقَرائهم) (٣). وحديث (تَأتي الإبلُ على صاحبها على خَيرِ ماكانت إذا هوَ لم يُعطِ فيها حقَّها، تَطُؤهُ بأخفافِها، وتأتي الغَنمُ على صاحبِها على خيرِ ماكانت إذا لم يُعطِ فيها حقَّها، تَطُؤهُ بأظلافِها وتَنطَحُه بقُرونها، قال: ومن حقها أن تحلب على الماء قال: ولا يأتي أحدُكم يوم القيامةَ بشاةٍ يَحمِلُها على رقبَتهِ لها يُعارٌ فيقولُ: يا محمد، فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شيئاً، قد بَلَّغتُ. ولا يأتي ببعيرٍ يَحمله على رَقبتِه له رُغاءٌ فيقول: يا مُحَمَّدُ، فأقول: لا أملِكُ لكَ مِنَ اللهِ شيئاً، قد بلَّغتُ) (٤)

قد تقيدت بالأدلة الدالة على وجوب بلوغ النصاب، منهاحديث (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَة، وَلَيْسَ فِيمَا


(١) البقر: (٣٤).
(٢) -- التوبة: (١٠٣).
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة وقول الله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة). حديث برقم (١٣٩٥) بلفظ (عنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ اللّه عنهما، أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بَعثَ مُعاذاً -رضي الله عنه- إلى اليَمن فقال: ادْعُهم إِلَى: شهادةِ أنْ لا إله إلاّ اللّهُ وأني رسولُ اللّهِ، فإن هُمْ أطاعوا لذلك فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افترَضَ عليهم خَمسَ صَلواتٍ في كلّ يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأَعْلِمْهُم أنّ اللّهَ افترضَ عليهم صدقةً في أموالِهمْ، تُؤخَذُ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فُقَرائهم).
أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي في الزكاة، والنسائي في الزكاة، وأبو داود في الزكاة، وابن ماجة في الزكاة، وأحمد في مسند بني هاشم، والدارمي في الزكاة.
أطراف الحديث: الزكاة، المظالم والغصب.
(٤) صحيح البخاري: كتاب الزكاة: باب وجوب الزكاة وقول الله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة). حديث رقم (١٣٨٣) بلفظ (عن أبي هريرةَ -رضي الله عنه- قال: قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: تَأتي الإبلُ على صاحبها على خَيرِ ماكانت إذا هوَ لم يُعطِ فيها حقَّها، تَطُؤهُ بأخفافِها. وتأتي الغَنمُ على صاحبِها على خيرِ ماكانت إذا لم يُعطِ فيها حقَّها، تَطُؤهُ بأظلافِها وتَنطَحُه بقُرونها، قال: ومن حقها أن تحلب على الماء، قال: ولا يأتي أحدُكم بشاةٍ يَحمِلُها يوم القيامةَ على رقبَتهِ لها يُعارٌ فيقولُ: يا محمد، فأقولُ: لا أملِكُ لكَ شيئاً، قد بَلَّغتُ، ولا يأتي ببعيرٍ يَحمله على رَقبتِه له رُغاءٌ فيقول: يا مُحَمَّدُ، فأقول: لا أملِكُ لكَ مِنَ اللهِ شيئاً، قد بلَّغتُ).
أخرجه مسلم في الزكاة، والنسائي في الزكاة، … وأبو داود في الزكاة، وابن ماجة في الزكاة، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في الزكاة.
أطراف الحديث: الزكاة، المساقاة، الجهاد والسير، تفسير القرآن، الحيل.
معاني الألفاظ: تطؤه: تدوسه. … الظلف: اسم لقدم البقر والغنم والظباء. يعار: صوت الشاة. … رغاء: صوت البعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>