للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضوعات عن السيوطي أنه قال في الوجيز حديث من سمى المدينه بيثرب تفرد به يزيد متروك قلت يزيد وإن ضعفه البعض من قبل حفظه فلا يلزم منه وضع كل حديثه وله شاهد في الذيل، وقال في الجامع الصغير (من سمى المدينة بيثرب فليستغفر الله ثلاث مرات) أخرجه أحمد عن البراء ورمز له بعلامة الصحة وهي الصاد والحاء، وقال الألباني في ضعيف الجامع الصغير في الأحاديث الضعيفة أنه (ضعيف)، أما المناوي مؤلف فيض القدير شرح الجامع الصغير فقد أقر السيوطي ولم ينقده أو يرد عليه.

[وجوب إخلاص التوبة من المعاصي والاستعانة بالله على ذلك والإكثار من الطاعات]

س: رجل اعتاد ارتكاب المعاصي منذ وقت طويل ولكنه يؤدي الصلاة والصوم وغيرهما من الواجبات فكيف يتمكن من عدم الوقوع في هذا الذنب العظيم ويخشى أن لا يستطيع ترك الخمر؟

جـ: من كان مرتكباً لكبائر الذنوب فعليه الندم والعزم على عدم فعل أيِّ كبيرة والتوبة النصوح من فعل أيِّ كبيرة من الكبائر التي يمارسها، وهكذا من كان مرتكباً لكبيرة واحدة عليه العزم على تركها والتو به النصوح من مقارفتها قبل أن يأتيه الموت فجأة وهو مصر على المعاصي الكبار أو على أيِّ معصية واحدة من المعاصي، أما إذا كان مصراً على عدم التوبة فهو فاسق عاصٍ لله ولرسوله مستحق لما توعد به الشرع الشريف من العقاب الموعود به لمرتكب الكبيرة في قوله تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} (١) وقوله تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (٢) وقوله تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (٣) سواء كانت هي شرب الخمر أم الزنى أم غيرها من كبائر الذنوب فليتق الله في نفسه ويحاسبها قبل أن يأتيه الموت فجأة فيموت مصراً على المعصية الكبيرة، وأما أعماله التي يعملها من صوم وصلاة فهي صحيحة إذا كان يؤديها على الصفة المشروعة بحيث أنه عند أن يتوب لا يقضي الصوم أو الصلاة أو غيرهما من العبادات المفروضة التي كان يعملها وهو متلبس بالمعصية الكبيرة وفي الزمن الذي كان يمارس فيه فعل إحدى المحرَّمات، وأما كونها مقبولة عند الله أو غير مقبولة فمن الممكن أن يقال أنها غير مقبولة لأن الله سبحانه قد نص على عدم القبول بقول {قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (٤) ومن كان يعبد الله ولكنه يمارس فعل كبيرة من كبائر الذنوب لا يصدق عليه أنه من المتقين لأن من اتقى الله لا يقدم على فعل الكبيرة، وإذا أراد أن يتخلص هذا الرجل من الوقوع في هذا الذنب العظيم فما عليه إلا أن يخلص النية ويتوب إلى الله فإذا اتقى الله تيسر له التخلص من هذا الذنب العظيم، فقد كان المسلمون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشرب البعض منهم الخمر قبل تحريمها ومن كان منهم مدمناً على شربه كان لا يستطيع تركه ولكن عند أن نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (٥) عزم كل شارب على الترك فعلا وأراق كل واحد ما كان لديه من الخمر فوراً، ولم يؤثر عليه ترك الخمر أيَّ شيء في صحته ولا في طبعه، ولم يقل كل واحد منهم كيف أستطيع التخلص من الإدمان على شرب الخمر، بل عزموا عزماً صحيحاً


(١) - النساء: آية (١٤)
(٢) - الجن: آية (٢٣)
(٣) - الأحزاب: آية (٣٦)
(٤) سورة المائدة: آية (٢٧)
(٥) سورة المائدة: آية (٩٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>