س: توجد قريتان متجاورتان وعدد سكان كل قريه على حده حوالي خمسة عشر رجلاً وقالوا بأن صلاة الجمعة غير واجبة عليهم لأن عدد المصلين لا يبلغون أربعين، فهل يشترط في قبول صلاة الجمعة وصحتها أن يكون عدد المصلين أربعين رجلاً؟ وما هو الدليل؟
جـ: الإمام الشافعي اشترط في صحة قبول الصلاة أن يكون العدد أربعين رجلاً فإذا كانوا تسعه وثلاثين فإن صلاة الجمعة غير واجبة شرعا، ً وقال الجمهور من العلماء: لا يشترط أن يكونوا أربعين رجلاً فإنها تجب عليهم حتى ولو كانوا أقل من ذلك، ثم اختلفوا في العدد الذي يجب عليهم صلاة الجمعة فقيل إن العدد الذي يجب عليهم صلاة الجمعة عند استكماله أثنى عشر رجلاً، وقيل يكون عددهم ثلاثة مع مقيمها، وقيل يكون العدد اثنين ومقيمها هو الثالث أي الخطيب الذي سيخطب بهم خطبة الجمعة ويصلي بهم صلاة الجمعة يكون هو الثالث ويكون عدد المستمعين والمؤتمين اثنين فقط، وهناك أقوال أخرى، وكلها لا دليل عليها، والظاهر أن الجمعة واجبة على كل رجل مكف غير المسافر أو المريض مهما وجد بجانبه من يصلي معه ممن تجب عليهم الصلاة أو تتشكل منهم جماعه مطلقاً سواء كانوا عشره أو عشرين أو خمسه أو أيّ عدد ولا دليل على شرط وجود الأربعين غير حديث نص العلماء على أنه حديث ضعيف غير صالح للإحتجاج به، والعجب ممن يترك صلاة الجمعة الذي نص القرآن على وجوبها في سورة سميت بسورة الجمعة بعدم وجود الأربعين من الرجال مع أن هذا الحديث ضعيف عند الحفاظ ولا سيما أن بعض القرى لا يتجاوز عددهم مئة وسيكون النصف من المائة من النساء اللاتي لا تجب عليهن صلاة الجمعة ولم يبق من الرجال سوى الخمسين نفساً والذي سيكون الربع منه من الصبيان وممن لم يبلغوا سن التكليف من العام والعامين والعشرة أعوام والاثنى عشر عاماً ومن المرضى والمسافرين وممن لا تجب عليهم صلاة الجمعة، فهل يبق غير ثمانية وثلاثين من الرجال المكلفين الأحرار المقيمين الصحيحين؟!!! وسيكون هؤلاء الثمانية والثلاثون معفيين من هذا الواجب القطعي المنصوص على وجوبه في القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وهكذا نقول: فيمن اشترط على أن يكون المكان مسجداً والأصل هو الجواز وعدم الاشتراط ومن اشترط المسجد فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة، ومن الممكن أن نحتج على جواز الصلاة في غير المسجد وعدم اشتراط المسجد في يوم الجمعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صلى في وادي (وابورا) ما بين قبا والمدينة وعند وصوله إلى المدينة مهاجراً فقد جاء في كتب السنة المحمدية وكتب السيرة النبوية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم من مكة إلى المدينة إلى (قُباء) وتلقاه (سعد بن خثيمه) من أهل (قُباء) أياماً، ثم خرج متوجهاً إلى المدينة وأدركته صلاة الجمعة وهو في طريقه إلى المدينة من قباء فصلى بهم صلاة الجمعة وهو في هذا (الوادي) الذي عمر فيه أخيراً المسجد الصغير الذي سمي بمسجد الجمعة، وهي أول جمعه في الإسلام صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخطب فيها وقيل بأنها أول جمعه في الإسلام وهذا تبرع منا بالاحتجاج، وإلا فالقيام مقام المنع كافٍ في الاحتجاج ومن ادعى أيَّ شئ من الأشياء التي اشترطها العلماء في هذه الصلاة فعليه البرهان، وهكذا لا وجه لاشتراط العلماء في هذه الصلاة أن تكون في مسجد جامع أو أن يكون المصلون في مدينة فيها سوق وحمام كما قاله أبو حنيفة رحمه الله، وهكذا لا وجه لاشتراط إمام كما قال الحنفية ولا لاشتراط أن يكون الإمام إماماً عادلاً كما قال الزيدية ولا اشتراط الإمام المعصوم كما قالته الإمامية لأن جميع هذه الدعاوى لم يرد فيها دليل صحيح صريح خال عن المعارضة، وأخيراً لا وجه لاشتراط (مسافةالميل) بحيث أن الصلاة لا تصح الاّ في مسجد واحد مهما كانت المدينة أو القرية لا تزد مساحتها عن الميل الواحد وبأن المصلين إذا صلوا في مسجدين ليس بين المسجدين مسافه الميل الواحد فإن الصلاة