للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتُهُ، قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَال: فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ فَأتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ) (١) وهناك أحاديث أخرى تدل على مشروعية الصلاة على القبر وهو ما ذهب إليه جماعة من العلماء منهم الجلال مؤلف (ضوء النهار) والأمير مؤلف (منحة الغفار) والشوكاني مؤلف (نيل الأوطار والسيل الجرار) وإذا لم يتمكنوا من الصلاة على قبره لعدم معرفتهم به أو لأمر آخر منعهم من الصلاة على قبره فلا مانع من الصلاة عليه صلاة الميت الغائب الذي قال بمشروعيتها الإمام الشافعي ومن وافقه من علماء اليمن المتأخرين.

والخلاصة:

أن الصلاة على كل ميت من أموات المسلمين على أيِّ صفة كان موته ممن لم يمت في المعركة الحربية بين المسلمين والكفار مشروعة.

ومن ادعى أن من مات قتلاً لكونه مقاصصاً به لا يصلي عليه فعليه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة.

وإذا لم يمكن الصلاة عليه فتكون الصلاة على قبره كغيره ممن جاءت به الأدلة بالصلاة على قبره ومن ادعى أن المقتول قصاصاً لا يصلى على قبره فعليه البرهان الصريح الصحيح الخالي عن المعارضة.

وإذا لم يمكن الصلاة على قبره فليصل عليه صلاة الغائب كسائر الأموات الغائبين ومن ادعى خروجه منهم فعليه الدليل الصريح الصحيح الخالي عن المعارضة.

[جواز صلاة الجنازة على من مات وعليه دين]

س: هل تجوز صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؟

جـ: نعم، يجوز لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمتنع عن الصلاة على المدين في أول الإسلام حتى يضمن شخص آخر أن يقضي عليه دينه، هذا كان في أول الإسلام، أما في آخر الإسلام فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي عليه ويقول (أنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ) (٢) فالحديث الوارد في امتناع النبي من الصلاة على الميت منسوخ.


(١) - صحيح البخاري: كتاب الجنائز: باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن. حديث رقم (١٣٣٧) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ أَسْوَدَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً، كَانَ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ؟ قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتُهُ، قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَال: فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ).
أخرجه مسلم في الجنائز، وأبو داود في الجنائز، وابن ماجة في ما جاء في الجنائز، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: الصلاة.
(٢) صحيح مسلم: كتاب الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة. حديث رقم (١٤٣٥) بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ وَيَقُولُ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، ثُمَّ يَقُولُ أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ).
أخرجه النسائي في صلاة العيدين، وأبو داود في الخراج والإمارة والفيء، وابن ماجة في المقدمة، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في المقدمة.
معاني الألفاظ: فإليَّ: عليَّ سداد دينه وقضاء حاجة أولاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>