للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفى على من له اطلاع على المؤلفات التي دونت السنة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وهكذا لم يرد عن أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أحد من التابعين ولا أحد من أئمة المذاهب المتبوعة وغير المتبوعة لا عن زيد بن علي ولا عن جعفر الصادق ولا عن الأوزاعي ولا الثوري ولا الليث بن سعد ولا الشافعي ولا أبي حنيفة ولا عن الإمام أحمد بن حنبل ولا عن مالك بن انس ولا عن داود الظاهري ولا عن أحد من العلماء المتقدمين أنه كان يقول بأن الفرجين من أعضاء الوضوء أو هي أول عضو من الأعضاء كما لا يخفى على من اطلع على كتب الفقه التي تذكر الخلافات الفقهية والآراء الفروعية.

[اشتراط النية في صحة العبادات]

س: ما حكم النية في الوضوء؟

جـ: النية شرط لصحة الوضوء ولا يشترط التلفظ بها لأن النيَّة هي العزم على الفعل ومحلها القلب لحديث (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) (١) قال العلماء هذا الحديث ربع العلم وقالوا معناه إنما صحة الأعمال بالنيات أو إنما الأعمال الشرعية بالنيات، فالنية لا بد منها في الوضوء أو الغسل أو التيمم أو الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج أو غيره من العبادات فمن لم ينو فلا يصح وضوؤه ولا غسله ولا تيممه ولا صلاته ولا زكاته ولا صومه ولا حجه ولا سائر عباداته التي لم ينو فيها.

[آراء العلماء في المضمضة والاستنشاق]

س: ما حكم المضمضة والاستنشاق؟

جـ: اختلف العلماء في حكم المضمضة والاستنشاق فذهب جماعة من العلماء ومنهم الزيدية الهادوية وهو اختيار الشوكاني إلى أنَّهما واجبتان لحديث (وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ) (٢) ولحديث (إذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ) (٣) ولحديث (بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) (٤)، وذهب الشافعية ومن وافقهم إلى


(١) صحيح البخاري: كتاب بدء الوحي: باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله. حديث رقم (١) بلفظ (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
أخرجه مسلم في الإمارة، والترمذي في فضائل الجهاد عن رسول الله، والنسائي في الطهارة، الطلاق، الأيمان والنذور، وأبو داود في الطلاق، وابن ماجه في الزهد، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.
أطراف الحديث: الإيمان، العتق، المناقب، النكاح، الأيمان والنذور، الحيل.
معاني الألفاظ: النية: القصد وعزم القلب على الفعل. يصيب: ينال، والمراد تحصيل أسباب العيش
(٢) - صحيح مسلم: كتاب الطهارة: باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار. حديث رقم (٥٥٩) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِذَا اسْتَجْمَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَجْمِرْ وِتْرًا وَإِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ)
أخرجه البخاري في الوضوء، والنسائي في الطهارة، وأبو داود في الطهارة، وابن ماجة في الطهارة وسننها، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في الطهارة، والدارمي في الطهارة.
معاني الألفاظ: الاستجمار: التطهر بعد قضاء الحاجه بالحجارة ونحوها. الإيتار: جعل العدد وترا أي فردا. الاستنثار: إخراج الماء من الأنف.
(٣) - سنن أبي داود: كتاب الطهارة: باب في الاستنثار. حديث رقم (١٤٢) بلفظ (عَنْ لَقِيطِ بْنِ صبرة، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ قال: أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا، وفي رواية قال: فِيهِ (إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ). صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم.
(٤) - سنن أبي داود: كتاب الصوم: باب الصائم يصب عليه الماء من العش. حديث رقم (٢٠١٩) بلفظ (عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَال: َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) صححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (٢٣٦٦)
أخرجه الترمذي في الطهارة، والنسائي في الطهارة، وابن ماجه في الطهارة وسننها، وأحمد في أول مسند المدنيين، والدارمي في الطهارة.
طراف الحديث: الحروف والقرآت.

<<  <  ج: ص:  >  >>