للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمرها سبعة عشر سنه ثم تغرّب عن البلاد لمدة سبعة عشر سنة، فرجع إلى بلاده فطلب من امرأة أن تبحث له عن زوجه فدلته على بنت المرأة التي زنا بها وهو لا يعلم من هي فيتزوج بها ثم بعد زواجه بها سألها من هي؟ ومن أمها؟ ومن أسرتها؟ فيعرف من إجابات البنت أنها بنته من الزنا، فعند الجمهور من العلماء: أنه يفارقها ويفصل بينهما حالاً، وعند الإمام الشافعي: أنه يجوز له البقاء معها زوجة له، لأن الحرام لا يحرم الحلال والحرام نقمة والحلال نعمة، والنقمة لا تعدم المرء النعمة، والزواج نعمه والزنا نقمة فلا تكون النقمة سبباً لحرمان النعمة.

[تحريم زواج الشخص بأصول من قد عقد له بها]

س: هل يحرم على الزوج أصول وفصول من عقد بها وهل يحرم عليها أيضا أصول وفصول من عقد بها أم أنه لا يحرم كل ذلك بمجرد العقد؟

جـ: من النساء التي يحرم على الرجل أن يتزوج بهن أصول من كانت زوجته سواء كانت زوجته قد فارقته بموت أو طلاق أو فسخ وسواء كان قد دخل بمن قد كانت زوجته أو لم يكن قد دخل بها وإنما الذي كان منه مجرد عقد فقط لقوله تعالى في سياق عدد المحرمات من النساء {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} (١) فهذه الآية تدل على تحريم زواج الرجل بأصول من كانت زوجته مطلقاً سواءً كان قد دخل بها أو كان قد عقد بها عقداً فقط ولم يدخل بها وسواءً كانت المرأة باقية على الزواج بالزوج أو كانت قد فارقته وسواءً كان الفراق بين الزوجين بموت الزوجة أم بطلاقها أم بفسخ عقد نكاحها منه وسواءً كان الفسخ من الزوجة أم من الزوج، وأمَّا فصول من كانت زوجة لرجل فهن من المحرّم عليه الزواج بهن أو بإحداهن سواءٌ كانت الزوجة باقية عند الرجل، أوقد فارقته بطلاق أو فسخ أو موت لكن بشرط أن يكون الرجل قد دخل بالمرأة، أما إذا كان مجرد عقد فقط فلا مانع له من الزاوج بأيِّ امرأة من فصول من كان قد عقد له بها مجرد عقد فقط ولم تكن قد زفت إليه ودخل بها لأن القرآن الكريم قيد التحريم بالدخول في تحريم الربائب ولم يطلقه كما أطلق في أمهات النساء وفي المسألة قول آخر وهذا هو الراجح لقوله تعالى {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (٢) قال العلماء ويدخل في ذلك جميع فروع من كانت زوجته إذا كان قد دخل بها، أما إذا لم يدخل بها فلا يحرم عليه الزواج بدلالة مفهوم الصفة لأن القرآن وصف المحرمات من الربائب بكونهن مدخول بهن مفهومه أن النساء اللاتي لم يكن قد وقع الدخول بهن فلا يحرمن على الرجال الذين كانوا قد تزوجوا بالنساء ولم يدخلوا بهن وإنما كان الزواج مجرد عقد لا سوى، وبناءً على ما سبق نقول من كان له زوجه فأمها تكون محرماً له وكذلك جدتها وأم جدتها وعليه فيحرم عليه التزوج بواحدة من أمهاتها سواءً كانت مدخولاً بها أم لم يكن قد دخل بها، ومن كان له زوجه ومعها بنت أو بنت بنت أو حفيدة بنت ابن فلا يجوز له أن يتزوج بواحدة منهن إذا كان قد دخل بالزوجة وإلا فلا مانع له من ذلك، فيحرم على المرأة أن تتزوج بأصول زوجها لأن القرآن قد دل على تحريم زواج الرجل بزوجة ابنه أو ابن ابنه لقوله تعالى {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ}.


(١) النساء: آية (٢٣).
(٢) - النساء: آية (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>