للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثامن: الإحياء والإقطاع]

[تعريف الأرض الميتة والمندثرة والفرق بينهما]

س: ما الفرق بين الأرض الميتة والمندثرة؟

جـ: الأرض الميتة هي التي لم يسبق إلى إحيائها أحد بل هي باقية على ما خلقها الله -عز وجل- كأرض الربع الخالي من الجزيرة العربية التي لا تزال صحراء على ما خلقها الله تعالى، أما الأرض المندثرة فهي التي قد سبق إلى إحيائها في يوم ما من الدهر ولكن انقرض من أحياها على أثر حرب من الحروب أو انتشار مرض من الأمراض الفتاكة كالطاعون أو نحوه، (وتصلب) (١) وتهمل ولم يعرف من ورثتها أحد ولم يستطع أحد أن يبرهن على مليكتها، فتكون ملكيتها للدولة.

[الأرض المندثرة ملكيتها للدولة]

س: هل كل من أحيا أرضاً مندثرة مثل من أحيا أرضاً ميتة تكون له؟

جـ: يشترط في إحياء الأرض أن تكون أرضاً ميتة وهي أرض صحراء لم يسبق إلى تملكها أحد، أما الأرض المندثرة التي قد سبق إحياؤها وعليها آثار العمران مثل الطريق أو البئر أو المساكن أو الجدار أو السواقي أو أيِّ أثر من آثار العمران ولكنها اندثرت على آثار حروب أو مرض كمرض الطاعون أو زلازل أو نحوها، وهي ليست ميتة وإنما في طريقها إلى الموت، وتكون صالبة وليست مزروعة لكن يظهر عليها أثر من آثار العمران، وهذه الأرض إذا كان يدعى ملكيتها من ليس معه بصائر ولا فصول ولا شهود ولا أيُّ برهان فمثل هذه الأرض لا تكون أرضاً ميتة هي لمن سبق إلى إحيائها، وإنما تكون مليكتها للدولة.

[جواز إحياء الأرض لا تحجرها]

س: هل من احتجز أرضاً ولم يحييها تكون له؟

جـ: الحديث يقول (مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ) (٢) ولم يقل من يحتجز أرضاً أو يحتجرها إلا إذا احتجزها الشخص ليحييها فهي له.

س: ما حكم من احتجز أرضاً وشرع في إحيائها وجاء شخص آخر يعمر فيها أو يغرس أشجاراً فيها؟

جـ: الشخص الآخر يعتبر ظالماً معتدياً على حق أخيه ويجب قلع شجره أو خراب عمارته لحديث (وَلَيْسَ لِعِرْقٍ


(١) تصلب: أي مهملة لا تزرع ولا تحرث ولا يغرس فيها شيء.
(٢) - سنن أبي داود: كتاب الخراج والإمارة والفيء. باب في إحياء الموات. حديث رقم (٣٠٧٤) بلفظ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ فَلَقَدْ خَبَّرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عُمٌّ حَتَّى أُخْرِجَتْ مِنْهَا، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ إِسْحَقَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ مَكَانَ الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَأَنَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَضْرِبُ فِي أُصُولِ النَّخْلِ) حسنه الألباني في صحيح أبي داود بنفس الرقم.
أخرجه الترمذي في الأحكام، ومالك في الأقضية.
معاني الألفاظ: الموات: أرض لا زرع فيها ولا عمارة ولامالك لها. … عم: طوال تامة النمو.

<<  <  ج: ص:  >  >>