للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحريم عصيان الوالدين]

س: إذا بذل والد لولده جميع وسائل التعليم فلم يواصل التعليم، فما هو الحكم في ذلك؟

جـ: الوالد الذي بذل لولده جميع وسائل التعليم قد عمل ما يلزم عليه نحو ولده وإذا كان الولد قد رفض جميع ما بذل والده من وسائل التعليم فالولد قد أساء إلى نفسه وجنى على نفسه بنفسه، أما حق الوالد على ولده فهو حق عظيم فعليه أي على الولد طاعة والده وعدم عصيانه فيما يأمره به، فقد وردت الأدلة الصحيحة الصريحة في وجوب طاعة الوالدين منها قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (١) وقوله تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ … تَعْمَلُونَ} (٢) وحديث (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) (٣) كما وردت الأدلة الصحيحة في تحريم العقوق وقد جعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- من أكبر الكبائر كما جاء الحديث الصحيح المرفوع إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بلفظ (إن من أكبرِ الكبائر أن يَلعنَ الرجلُ والِدَيه، قيل يا رسول الله، وكيف يَلعَنُ الرجل والِدَيه؟ قال: يسُبُ الرجلُ أبا الرجل فيسبُّ أباه، ويسب أمَّه فيسب أمَّه) (٤) وحديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فقال: ألا وشهادة الزور، فما زال يرددها حتى قلنا ليته سكت) (٥).

س: رجل يشكو من والده الذي ساءت العلاقة بينه وبينه بسبب اختلاف شخصي وأنه اغترب من وطنه بسبب ذلك وحاول الابتعاد عن والده، ولا يدري ما الذي يحكم عليه الإسلام في مثل هذه المسألة وهل يقبل الله توبته إذا رجع لطاعة والده والامتثال لأوامره أم لا؟


(١) - الإسراء: (٢٣).
(٢) - لقمان: (١٤)
(٣) - صحيح مسلم: كتاب البروالصلة والأدب: باب بر الوالدين وأيهما أحق به. حديث رقم (٤٦٢٣) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ)
أخرجه البخاري في الأدب، وابن ماجه في الأدب، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
(٤) صحيح البخاري: كتاب الأدب: باب لا يسب الرجل والديه. حديث ر قم (٥٨٣٦) بلفظ (عن عبد الله بن عمرو رضيَ الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن من أكبرِ الكبائر أن يَلعنَ الرجلُ والِدَيه، قيل يا رسول الله، وكيف يَلعَنُ الرجل والِدَيه؟ قال: يسُبُ الرجلُ أبا الرجل فيسبُّ أباه، ويسب أمَّه فيسب أمَّه).
أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي في البر والصلة عن رسول الله، وأبو داود في الأدب، وأحمد في باقي مسند المكثرين من الصحابة.
(٥) ـ صحيح البخاري كتاب الديات: باب إثم من أشرك بالله وعقوبته. حديث رقم (٦٤٠٨) بلفظ (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنهم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أكبر الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور وشهادة الزور ثلاثا أو قول الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت).
أخرجه مسلم في الإيمان، والترمذي في البر والصلة، وأحمد في مسند البصريين.
أطراف الحديث: الأدب والاستئذان والشهادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>