للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: اعلم أن طاعة الوالدين واجبة وجوباً قطعياً بأدلة الكتاب والسنة والإجماع منها قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (١) وقوله تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ … تَعْمَلُونَ} (٢) وحديث (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) (٣) وبناء على ذلك فعليك طاعة والدك في كل ما يأمرك به إلا إذا أمرك في أمر غير جائز شرعاً فلا تطعه لأنه (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) (٤)، ويمكنك أن تتوسط بأقارب أبيك وأصحابه وزملائه لكي يحسّنوا العلاقة بينك وبين والدك لكي يقتنع ولعله سيقتنع بإذن الله تعالى.

س: وصلت رسالة من امرأة وفيها تشكو من ابنها الذي يعاملها بقسوة وبشده ويهددها بإطلاق الرصاص عليها، فماذا تصنع؟

جـ: اعلم أن هذا الولد عاق والعقوق من أكبر الكبائركما في حديث (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فقال: ألا وشهادة الزور، فما زال يرددها حتى قلنا ليته سكت) ولا مانع لك من الاتصال بمدير المنطقة أو حاكمها الشرعي وعرض القضية على أحدهما ليعرف الحقيقة ويجري اللازم فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

س: ما عقوبة من يقول لوالده (مخنوث) و (يا ابن القحبة) ويبصق إلى وجهه وهو عاق لوالديه؟

جـ: بالنسبة إلى الآخرة فعقوبته عظيمة جداً والعقوق من أكبر الكبائر ومن أعظم الذنوب والعذاب عليه شديد كما في حديث (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ، قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)، وأما في الدنيا فهو عاق وقاذف لأبيه يجب عرض الدعوى عليه من والديه عند الحاكم المولى من الدولة يحبس هذا العاق أو يحكم عليه بأيِّ عقاب.

س: ما هي نصيحتكم لبنت وأبناء يعصون أمهم بحجة أنها ترفع صوتها عليهم وبحجة أنها تجامل بعض أبنائها؟

جـ: عقوق الوالدين حرام لاسيما الأم فإن طاعتها واجبة أعظم من وجوب طاعة الأب والصبر عليها واجب لحديث (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ).

س: ما حكم الإسلام فيمن يسبُّون آباءهم؟


(١) - الإسراء: (٢٣).
(٢) - لقمان: (١٤)
(٣) - صحيح البخاري: سبق ذكره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (٤٦٢٣).
(٤) صحيح البخاري: كتاب أخبار الآحاد: باب في إجازة خبر الواحد. حديث رقم (٦٧١٦) بلفظ (عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، فَأَوْقَدَ نَارًا، وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ).
أخرجه مسلم في الإمارة، والنسائي في البيعة، وأبو داود في الجهاد، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.
أطراف الحديث: الأحكام، المغازي.

<<  <  ج: ص:  >  >>