للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحديث (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) (١) وذهب ابن حزم وابن تيمية إلى أنه يكفي التوبة النصوح وكثرة الطاعة والاستغفارلقوله تعالى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (٢) ولا يجب القضاء والقول الأول أحوط.

س توفيت والدتي وأوصت بمبلغ من المال ليحج عنها رجل ولكن يخالطني شك بهذا الرجل بأنه لم يؤد مناسك الحج كما يجب، فهل أكتفي بذلك أم أني أحج عن والدتي مرة ثانية؟

جـ إذا غلب على ظنك أن هذا الرجل قد أدى مناسك الحج على الصفة المذكورة في كتب الفقه فلا يجب عليك أن تؤجر أحداً ليحج عنها والحج من الحاج الأول يكون كافٍيا، وإن غلب على ظنك أنه لم يحج أصلاً أو حج حجاً لم يطابق صفة الحج المعروفة شرعاً فعليك أن ترسل من يحج عنها ممن تثق بدينه وأمانته وبمعرفته بمناسك الحج، وإذا سافرت وحجيت عنها فهو الأفضل والأرجح والأحوط.

س: ما هي الواجبات التي إذا تركها الحاج يجب عليه دم؟

جـ: هي ما عدى الإحرام، والوقوف بعرفه، وطواف الإفاضة، أما أحد هذه الثلاثة المناسك فلا يجبر بدم، فمن لم يحرم أصلاً فدخل مكة وحج بدون إحرام فحجه باطل، ومن لم يقف بعرفات ولو لمدة خمس دقائق يبطل حجه، ومن ترك طواف الإفاضة فلا يجبر بدم بل يرجع لطواف الإفاضة ولو من اليمن أو المغرب الأقصى أو من أيّ مكان على وجه الأرض، وأما ما عدى هذه الثلاثة المناسك فإنه يجبر بدم، فمن ترك السعي يجبره بدم، ومن تعدى المواقيت بدون إحرام فيجبر بدم، وهكذا سائر واجبات الحج الأخرى.

[بدعة إنشاء الحج من فوق قبر الميت لا أصل لها في الدين]

س: هل إنشاء الحج من فوق قبر الميت مشروع؟

جـ: هي بدعة لا أصل لها في الدين وما أنزل الله بها من سلطان وهي عادة يمنية.

س: أرسل رجل من يحج عن والده المتوفى وعاد الشخص المذكور إلى قطر ولم يعد إلى اليمن والعادات الجارية في اليمن أنَّه يعود إلى قبر الميت ويؤدي الأذان، فهل هذا الحج صحيح؟

جـ: اعلم أن أركان الحج عشرة: أولهاالإحرام من أحد المواقيت وآخرها طواف الوداع وأهمها الوقوف بعرفة، وفي بعض هذه المناسك خلاف بين العلماء في كونها واجبة أو ركناً من أركان الحج أو سنة، كما أن بعض هذه المناسك إذا تركها الحاج بطل حجه مثل الوقوف بعرفه، وبعضها إذا تركها أجبر حجه بالذبح مثل المبيت بمنى، ولم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن من مناسك الحج أو أركانه أو سننه أو مندوباته أن يؤذن من يريد الحج عند الخروج من بيته أو عند رجوعه من مكة إلى بيته، كما لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن من أراد الحج عن الغير فعليه الوقوف عند قبر الميت والأذان من جانب القبر، وهكذا لم يرد في كتب السنة ما يدل على وجوب الوصول إلى قبر الميت بعد الرجوع من الحج، كما لم يرد على أن ذلك مسنون ولا مندوب ومهما يكن من شيء فإن هذه الأشياء ليست من سنن الحج ولا من مندوباته ولا من أركانه كما أنها ليست من شروط الحج وذلك لعدم وجود دليل يدل على ذلك، وحيث لم يرد دليل فإنها تكون من البدع وهي غير مشروعة.


(١) - صحيح البخاري: كتاب الصوم: باب من مات وعليه صوم. حديث رقم (١٩٠٣) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).
أخرجه مسلم في الصيام، والترمذي في الصوم، وأبوداود في الأيمان والنذور، وابن ماجة في الصيام، وأحمد في ومن مسند بني هاشم.
(٢) - هود: آية (١١٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>