للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث جوز للمرأة أن تزوج نفسها واحتج بالقياس على جواز بيعها لسلعتها وقد أجاب الجمهور على أبي حنيفة بأن هذا القياس باطل لأنه مصادم للنصوص كما أن الحنفية قد أجابوا على حديث (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) بأن النفي متوجه إلى نفي الكمال وليس النفي متوجه إلى نفي الصحة كما أجابوا على حديث (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) بأن المراد بقوله فنكاحها (باطل) أنه معرض للبطلان إذا حصل تدليس على المرأة لأن المرأة عاطفية تقبل التدليس والتعزير كما أجابوا على حديث (لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا) بأن أم المؤمنين عائشة وهي رواية الحديث عن النبي صلى قد زوجت بعض أقاربها فمخالفتها للحديث المروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- دليل على أن الحديث غير صحيح أو أنه منسوخ وقد رد الجمهور من العلماء القائلين بشرطية الولي لعقد النكاح على الحنفية القائلين بعدم اشتراط الولي في عقد النكاح بأن الأحاديث الدالة على شرطية الولي في النكاح الصحيحة وصريحة وجميع ما أول به الحنفية أدلة الجمهور هو خلاف الظاهر وقالوا: إن حديث (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) معناه لا نكاح صحيح إلا أن النفي إذا تعذر حمله على الحقيقة وهو نفي الذات يحمل على أقرب المجازات إلى الحقيقة وأقرب المجازات إلى الحقيقة هو نفى الصحة، أما أبعد المجازات إلى الحقيقة فهو نفي الكمال الذي حمله عليه الحنفية والخلاصة أن حمل حديث (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) (١) على نفي الصحة هو الأقرب وحمله على نفي الكمال هو الأبعد والحمل على الأقرب أفضل من الحمل على الأبعد وقالوا في حديث (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) دليل صريح على أن وجود الولي في عقد النكاح من أهم الشروط وأن المرأة التي تزوج نفسها فزواجها باطل وغير صحيح شرعاً وأن تأويل الحنفية لهذا الحديث بأن المراد بأنه معرض للبطلان لأن المرأة سريعة البادرة وكثيراً ما تقبل التغرير والتدليس والخداع تأويل بعيد وقد مثل به صاحب الغاية في الأصول للتأويل البعيد وقالوا في مخالفة عائشة لما روته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من النهي عن تزويج المرأة المرأة أو المرأة نفسها العبرة بما روته مرفوعاً إلى النبي لا بما رأته رأياً لها إذا عرفت هذا عرفت أن المسألة خلافية بين الحنفية والجمهور وأن المذهب الصحيح هو القول بشرطية الولي في النكاح ولكن أهل المذهب الهادوي يجعلون مثل هذه المسألة إذا وقعت من النكاح الفاسد لا الباطل حيث نصوا على أن النكاح على ثلاثة أقسام:

الأول: صحيح وهو ما جمع الشروط كلها كأن يكون بعد إذن المرأة وبولي وشاهدين عدلين.

الثاني: باطل وهو ما خرق الإجماع ولم يوافق قول قائل من العلماء مثل أن يكون بلا ولي ولا شهود.

الثالث: فاسد وهو ما وافق قول قائل ولم يخرق الإجماع مثل أن يكون العقد بولي ولكن لا شاهد عليه فقد وافق قول الإمام مالك الذي لا يشترط الشاهدين في عقد النكاح أو يكون العقد بشاهدين ولا ولي فقد وافق مذهب الإمام أبي حنيفة ويجعلون الفاسد كالصحيح إلا في بعض الأحكام المذكورة في كتب الفقه.

س: إذا زوجت المرأة نفسها من غير وليها فعلم بعد ذلك الزوج أن لها ولياً فهل تستحق المهر كاملاً؟

جـ: إذا قد دخل الزوج بها فتستحق المهر كاملاً.

[تعرف المرأة الولود الودود من جهة أقاربها من أبيها]

س: كيف يعرف الرجل المرأة الولود الودود قبل الزواج؟


(١) سنن الترمذي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي موسى -رضي الله عنه- بتصحيح الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (١١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>