للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشاجر قوم في البخاري ومسلم لديَّ وقالوا أيّ ذين تقدموا

فقلت لقد فاق البخاري صحة كما فاق في حسن الصناعة مسلم

والكلام حول السبب الذي من أجله كان صحيح البخاري أصح من صحيح مسلم طويل جداً معروف لدى علماء أصول الحديث.

[س: هل حديث (أكرموا عمتكم النخلة فإنما خلقت من فضيلة طينة آدم)؟]

جـ: (أكرموا عمتكم النخلة) قد ذكره علماء كثيرون وهو من الأحاديث المشهورة على الألسنة وهو في الحقيقة من (الموضوعات)، كما في موضوعات (ابن الجوزي) وتذكرة الموضوعات (للمقدسي) وتذكرة الموضوعات لـ (ابن طاهر) الهندي والفوائد المجموعة (للشوكاني) والأحاديث الضعيفة والموضوعة (للألباني)، والسبب في الحكم عليه بالوضع أن في سنده (جعفر بن أحمد) وهو من الوضاعين وتفرد به (مسرور بن سعيد) وهو من المنكرين الحديث.

[س: حديث (أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف) هل هو حديث صحيح أم ضعيف أم موضوع؟]

جـ: اعلم أن هذا الحديث قد ذكره بعض علماء السنة المتأخرين الذين ألفوا في الأحاديث الموضوعة ونصوا على أنه غير ثابت بهذا اللفظ، ونصوا على أن له شواهد تدل على معنى هذا الحديث، قال (ابن طاهر الفتني الهندي) في (تذكرة الموضوعات) (أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف) قال (النووي) ليس بثابت قلت روى معناه بسند ضعيف وأورده (الغزالي) وقال في (المختصر) هو ضعيف وقال (الشوكاني) في (الفوائد المجموعة) قال (النووي) ليس ثابت وقال في (المقاصد) روي بمعناه بسند ضعيف كما ذكره أيضاً (السيوطي) في (اللئاليء المصنوعة) وقال بعد أن نقل عنه أنه ليس بثابت قلت روى البخاري عن أنس أنه قال (كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (نهينا عن التكلف) (١) حكاه عن (اللئاليء) (العجلوني) في (كشف الخفاء) وفيه عندي نظر سيأتي وجهه في آخر كلامي هذا، وهكذا ذكره من ألف في الأحاديث الدارجة على الألسن من الحفاظ المتأخرين وذلك كـ (السخاوي) ومعاصره (السيوطي) وتلميذه (الديبع) ومن جاء بعدهم من المؤلفين في الأحاديث المتداولة على ألسنة الناس كـ (العجلوني) و (البيروتي) وغيرهما ولقد قال (السخاوي) في (المقاصد الحسنة) في هذا الحديث ما نصه (أنا والأتقياء من أمتي بريئون من التكلف) قال (النووي) (ليس بثابت) انتهى، وقد أخرجه (الدار قطني) في (الأفراد) من حديث الزبير بن العوام مرفوعاً (إلا أني برئ من التكلف وصالحوا أمتي) وسنده ضعيف وأورده الغزالي في (الإحياء) بلفظ (أنا وأتقياء أمتي برآء من التكلف)، وقال (سلمان) كما عند (أحمد) و (الطبراني) في (معجمه الكبير) و (الأوسط) و (أبي نعيم) في (الحلية) لمن استضافه (لولا أنا نهينا عن التكلف لتكلفت لكم) وإلى هذا أشار شيخنا (أبو حجر) بقوله روى مرفوعاً من حديث (سلمان) والصحيح عنه من قوله وقال عمر رضي الله عنه، كما أخرجه البخاري عن أنس عنه (نهينا عن التكلف، ونقل (العجلوني) عن (السيوطي) المعاصر لـ (السخاوي) أنه قال في (الدرر المنتثرة من الأحاديث المشتهرة) إذا عرفت هذا عرفت أن الحديث المسئول عنه بنفس اللفظ (أنا وأتقياء أمتي براء من التكلف) غير ثابت كما قال (النووي)، وأقره من نقل هذا القول عنه ممن ألف في الموضوعات من المتأخرين كـ (السيوطي) في (اللئالئ) و (ابن طاهر) في (التذكرة) و (الشوكاني) في (الفوائد) وهكذا أقره من نقل عنه من المتأخرين الذين ألفوا في الأحاديث المشهورة المتداولة


(١) - صحيح البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعني. حديث رقم (٦٧٤٩) بلفظ: عن أنس قال كنا عند عمر فقال نهينا عن التكلف.
انفرد به البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>