للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا) (١) وإن كان قد أصبح بريئاً أمام القاضي لأن حكم القاضي ينفذ ظاهراً لا باطناً كما دلت عليه الأدلة الصحيحة من السنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام فمن ادعى على إنسان أن لديه مبلغاً من المال فأنكر المدعي عليه هذه الدعوى وطالب بالبرهان على الدعوى ولم يتمكن المدعي من إقامة البرهان لكون مستنداته قد ظلت أولم يكن قد كتب على غريمه مستنداً فيما عنده له واضطر إلى طلب اليمين من غريمة المنكر فحلف الغريم فإن القاضي سيحكم على المدعي بالقنوع وبكف الخطاب عن المدعى عليه وسيكون هذا الحكم نافذاً في الظاهر بمعنى أنه لم يبق للمدعي أيُّ حق في المطالبة للغريم ما دام ولم يتمكن من البرهان على دعواه وطلب من المدعى عليه اليمين وحلف المدعى عليه فعلاً، أما في الباطن فإن الحكم غير نافذ ولا يزال المدعى عليه مسئولاً أمام الله تعالى لحديث (إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا) (٢) وقد جاء الوعيد الشديد على من يحلف اليمين الفاجرة في حديث (الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ) و حديث (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ).

[اليمين الغموس هي التي يعلم الحالف كذبها ويقتطع بها مال امرئ مسلم]

س: ما هي اليمين الغموس؟

جـ: هي التي يعلم الحالف كذبها ويقتطع بها مال امرئ مسلم لحديث (الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ) و حديث (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ)، وهي من الكبائر.


(١) - صحيح مسلم: كتاب الصلة والبر والآداب: باب تحريم الظلم. حديث رقم (٤٦٧٤) بلفظ (عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ)
أخرجه الترمذي في صفة القيامة والرقاق، وابن ماجه في الزهد، وأحمد في مسند الأنصار، والدارمي في الرقاق.
لايوجد مكررات.
معاني الألفاظ: الصعيد: الموضع المرتفع أو الموضع الواسع من الأرض.
(٢) صحيح البخاري: كتاب الشهادات: باب من أقام البينة بعد اليمين. حديث رقم (٢٤٨٣) بلفظ (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ، فَلَا يَأْخُذْهَا).
أخرجه مسلم في الأقضية، والنسائي في آداب القضاة، وأبو داود في الأقضية، وابن ماجة في الأحكام، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الأقضية.
أطراف الحديث: المظالم والغصب، والحيل، الأحكام.
معاني الألفاظ: ألحن: أفصح ببيان حجته.

<<  <  ج: ص:  >  >>