للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) (١)، أما السب والشتم فهو حرام شرعا لحديثً (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ) (٢) والمؤمن ليس بلعان ولا طعان ومن سبَّ أو شتم أو طعن في أخيه المسلم فهو آثم شرعاً واعتذاره بأنه إنما يعمل هذا العمل لكونه مستنداً لقوله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (٣) اعتذار غير صحيح وغير مقبول وإنما هو من باب قولهم العذر أقبح من الفعل لأنه ضم إلى السبِّ والشِّتم المحرمين شرعاً شيئاً زائداً على الذنب وأقبح منه وهو تفسير الآية الكريمة بمعنى لا تدل عليه اللغة لا بمطابقة ولا بتضمن ولا التزام وبما لا يدل على هذا التفسير أيُّ دليل شرعي، واعلم بأن كفارة اليمين ليس مشروعه لكل يمين تصدر من الإنسان وإنما تكون فيما ورد النص فيه مثل أن يحلف الإنسان على شئ من الأشياء ثم يرى أن الخير في عدم هذا الشيء كمن يحلف أنه لا يكلم والده أو أخاه أو صديقه ثم يندم على اليمين حيث أنه لا خير في هجر الوالد أو الأخ أو الصديق والخير كل الخير في مواصلة الوالد أو الأخ أو الصديق أو في عدم هجره، فمثل هذا الإنسان المشروع في حقه أن لا يهجر أباه أو أخاه أو صديقه وأن يتكلم معهم ويكفر عن يمينه عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (من حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ) أما من يستولي على بعض أموال أخيه أو يظلمه بأيِّ ظلم من أنواع الظلم ثم يتخلص من ذلك الاعتداء الصادر منه على المال أو بعضه أو الاعتداء بظلمه بأيِّ نوع من أنواع الظلم باليمين معتقداً بأن اليمين قد قطعت العلاقة فيما بينه وبين غريمه المعتدى عليه أمام الله تعالى فهذا الإنسان خاطئ في اعتقاده بأن اليمين قد جعلته في حل أو جعلته غير مسئول أمام الله لكونه قد كفر عن يمينه هذه بأيِّ نوع من أنواع الكفارة المذكورة في القرآن في قوله تعالى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ … أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ … أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} (٤) لأن هذه الكفارة غير مسوغة لأخذ مال أخيه بغير حق من الحقوق الشرعية وغير مجوزة للظلم الذي صدر منه ولا زال مسئولاً أمام الله عز وجل عن أخذ المال أو عن ظلمه لأخيه بأيِّ نوع من أنواع الظلم لقوله تعالى {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ … يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} (٥) ولحديث


(١) - صحيح مسلم: كتاب الأيمان: باب من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار. حديث رقم (١٩٦) بلفظ (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ)
اخرجه النسائي في أداب القضاة، وابن ماجه في الأحكام، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الأقضية، والدارمي في البيوع.
لايوجد للحديث مكررات.
معاني الألفاظ: اقتطع: امتلك حق اخيه المسلم ظلما بالحلف الكاذب.
(٢) - مسند الإمام أحمد: مسند عبد الله بن مسعود: حديث رقم (٣٩٤٧) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا الْفَاحِشِ الْبَذِيءِ، وَقَالَ ابْنُ سَابِقٍ مَرَّةً بِالطَّعَّانِ وَلَا بِاللَّعَّانِ).
أخرجه الترمذي في البر والصلة.
أطراف الحديث مسند باقي المكثرين.
معاني الألفاظ: الفاحش: البذيء المتصف بسوء الخلق.
(٣) المائدة: آية (٨٩).
(٤) - المائدة: آية (٨٩).
(٥) - الكهف: آية (٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>