للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحة هي الصلاة الأولى، وأما الصلاة الأخيرة فهي باطلة وإذا كانا في وقت واحد فصلاتان باطلتان معاً كما قاله الهادي والشافعي رحمهما الله، فلا دليل عليه لا من الكتاب ولا من السنة ولا من إجماع المجتهدين ولا من أصحاب محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نعم إذا كانت الصلاة في جماعة كثيرة فهي أفضل وأحسن كما تدل عليه الأحاديث الصريحه الصحيحة التي تدل على فضل الجماعة الكبيرة على الصغيرة، لكن اشتراط وجوب صلاة الجمعة متوقف على توفر الاربعين رجل ممن تجب عليه صلاة الجمعة بحيث أنه إذا لم يكمل النصاب فإن الوجوب ساقط على الجميع لا دليل عليه، وكذلك إذا كانت الصلاة في مسجد فهي أفضل من أن تكون في الصحراء أو في الميدان لكن اشتراط المسجد في وجوب هذه الصلاة بحيث إذا كان الناس كثيرين لا يتسع لهم المسجد مثل أن يكونوا في مجمع من المجامع التي يجتمع فيها القبائل أو في قريه من القرى التي لا يتسع مسجد ها لهذا الجمع الحاشد أو في صحراء أو في واد وحانت فيه وقت صلاة الجمعة فمن الخير لهم أن يصلوا صلاة الجمعة في الوادي الذي هم فيه أو في خارج مسجد القرية الصغير لأنه خير من تركها، ومن قال لهم بأن صلاة الجمعة غير واجبة عليهم لعدم وجود مسجد كبير يسعهم أو لعدم سعة المسجد لهم فيجب عليهم أن لا يعملوا بقوله، ونرد عليه بأن الأمر القرآني الصحيح القطعي السند بوجوب صلاة الجمعة لم يفرق بأن تكون الصلاة في قرية فيها جامع صغير أو في قرية فيها جامع كبير أو ليس فيها جامع أصلاً كما أنه لا فرق في أن هؤلاء الجماعة مجتمعون في مسجد أو في صحراء أو في ميدان فلا نترك الأمر القطعي السند لكلام أحد العلماء، وهذا هو الظاهر.

[علة استثناء العبد والمرأة والمسافر والمريض الحديث المخصص لهم]

س: ما هي العلة في عدم وجوب صلاة الجمعة على العبد والمرأة والمسافر والمريض؟

جـ: العلة في عدم وجوب الجمعة على من ذكرتهم في السؤال هو النص الوارد بلفظ (الْجمُعَةُ حَقّ وَاجبٌ عَلَى كُلّ مُسلِمٍ في جمَاعَةٍ إلاّ أرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أوْ امْرَأةٌ أوْ صَبِيّ أوْ مَرِيضٌ) (١) فهو مخصص للأدلة الدالة على وجوب صلاة الجمعة على كل الناس مسافرين أو مقيمين رجالا أو نساء أصحاء أو مرضى فهذا النص مخصص لهؤلاء من غيرهم، وهذا الحديث قد أخرج المذكورين من العموم على أنه لا مانع لهؤلاء من الصلاة، فمن صلى من هؤلاء الأربعة فقد صحت صلاته وأجزأته وكتب الله أجره ولكنها ليست واجبة عليهم.

[المشروع لصلاة الجمعة أذان واحد هو حينما يجلس الخطيب على المنبر]

س: هل لصلاة الجمعة أذان واحد أو أذانان؟ وهل الركعتان بعد الأذان مشروعتان؟

جـ: أذان الجمعة المشروع من أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الأذان الذي يؤذن به المؤذن والخطيب على المنبر أما الأذان الأول فهو من أيام عثمان -رضي الله عنه-، وأما الركعتان بين الأذانين قال بها بعض العلماء ولم يرد في مشروعيتها حديث صريح صحيح، وما ورد في مشروعيتها فالصحيح غير صريح والصريح غير صحيح كما نص على ذلك ابن القيم والألباني.

[تحريم ترك الجمعة بصورة مستمرة]

س: ما حكم من ترك الجمعة بصورة مستمرة لكنه يصلي الظهر بدلاً عنها؟


(١) سنن أبي داود: كتاب الصلاة: باب الجمعة للمملوك والمرأة. حديث رقم (١٠٦٦) بلفظ (عن طَارِقِ بنِ شِهَابٍ عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: الْجمُعَةُ حَقّ وَاجبٌ عَلَى كُلّ مُسلِمٍ في جمَاعَةٍ إلاّ أرْبَعَةً، عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أوْ امْرَأةٌ، أوْ صَبِيّ، أوْ مَرِيضٌ). قال أبُو دَاوُدَ طَارِقُ بنُ شِهَابٍ قَدْ رَأى النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولَم يَسمَعْ مِنْهُ شَيْئاً) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم.
انفرد به أبو داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>