للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س: ما حكم كذب (محمد بن مسلمة) في قتل كعب بن الأشرف؟

جـ: هو جائز لأنه خدع اليهودي (كعب بن الأشرف) والحرب خدعه ومثله قصة (نعيم بن مسعود الأشجعي) (١) حينما كذب على اليهود وقريش في غزوة الأحزاب وفرق بين جيوش الكفار المتحزبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته رضوان الله عليهم.

س: في الحديث (الْحَرْبَ خَدْعَةً) وجاء (وَلَا تَغْدِرُوا) فما الفرق بينهما؟

جـ: الخدعة إذا كان المسلمون مع الكافرين في حالة حرب فيقومون بخداعهم والغدر عندما يكون المسلمون معهم في حالة صلح أو هدنه فيغدرون بهم.

ومن الغدر قتل الرسل فهو غدر محرَّم وأول ملك غدر في الإسلام هو (عبدالملك بن مروان)

س: هل يجوز الخداع في الحرب؟

جـ: نعم، لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى (الْحَرْبَ خَدْعَةً) وهو ثابت في الصحيحين، قال النووي واتفقوا على جواز خدعة الكفار في الحرب كيف ما أمكن إلا أنه لا يكون فيه نقض عهد، أما الخديعة فنخدعهم بغير نقض العهد، ولا نغدر فلا يجوز الغدر بالكافر وهو مؤمَّن لأن النبي صلى (نهى عن الغدر) في حديث (وَلَا تَغْدِرُوا) وقال يرفع لواء للغادر يوم القيامة ويقال هذه غدرة فلان وهوبلفظ (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (٢) قيل أن أول من غدر في الإسلام هو (عبد الملك بن مروان).

س: كيف يجمع بين حديث رسول صلى الله عليه وآله وسلم (وَلَا تَغْدِرُوا) وبين مباغتته عندما أغار على هوازن؟

جـ: الغدر، هو إذا قال الرجل للكافرين سلموا أنفسكم من عمل على باب بيته راية بيضاء وألقى السلاح فهو آمن وكلهم سلموا السلاح، وبعد أن دخل مصرهم قام بقتلهم فهو حرام، أما إذا هاجمهم فلا مانع من مباغتتهم ومهاجمتهم في ديارهم ما داموا يعادون الإسلام لحديث (مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَالَ: هُمْ مِنْهُمْ) (٣).


(١) ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه (زاد المعاد) في سياقه لغزوة الخندق ما نصه: (فكان مما هيأ من ذلك أن رجلاً من غطفان يقال له نعيم بن مسعود بن عامر رضي الله عنه جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إني قد أسلمت فمرني بما شئت فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنما أنت رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة، فذهب من فوره ذلك إلى بني قريضة وكان عشيراًِ لهم في الجاهلية فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه فقال يا بني قريضة إنكم قد حاربتم محمداً وإن قريشاً إن أصابوا فرصة انتهزوها و إلا استمروا إلى بلادهم راجعين وتركوكم ومحمداً فانتقم منكم قالوا فما العمل يا نعيم قال: لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن قالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم مضى على وجهه إلى قريش قال لهم: تعلمون ودي ونصحي لكم، قالوا: نعم، قال: إن يهوداً قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم ثم ذهب إلى غطفان فقال فهم مثل ذلك، فلما كان ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود إنا لسنا بأرض مقام وقد هلك الكراع والخف فانهضوا بنا حتى نناجز محمداً، فأرسل إليهم اليهود أن اليوم يوم السبت وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن، فلما جاءتهم رسلهم بذلك، قالت قريش: صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود إنا والله لا نعطي إليكم أحداً فاخرجوا معنا حتى نناجز محمداً، فقالت قريضة: صدقكم والله نعيم، فتخاذل الفريقان وأرسل الله عز وجل على المشركين جنداً من الريح فجعلت تقوض من خيامهم ولا تدع لهم قدراًإلا كفأتها ولا طنباً إلا قلعته و لا يقر لهم قرار، وجند الله يزلزلونهم ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف)
(٢) صحيح البخاري: كتاب الجزية والموادعة: باب إثم الغادر للبر والفاجر. حديث رقم (٣١٨٨) بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ بِغَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير: باب أهل الدار بيتون فيصاب الولدان والذراري. حديث رقم (٢٦٧٢) بلفظ (عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، وَسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ قَالَ: هُمْ مِنْهُمْ).
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، والترمذي في السير، وأبو داود في الجهاد، وابن ماجة في الجهاد، وأحمد في أول مسند المدنيين.
أطراف الحديث: المساقاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>