للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للسهو.

وقد احتج أهل القول الأول: وهو بطلان الصلاة بالتسليم بأن التسليم على اليمين واليسار قد أخرج الصلاة من كونها ثلاثية إلى كونها ثنائية ولا يحق للمصلي بعد التسليم أن يكملها بركعة أو ركعتين بل يستأنف الصلاة من أولها، واحتج أهل القول الثاني: وهم القائلون بجواز البناء على ما قد صلاها المصلي بحديث ذي اليدين الذي أخرجه الشيخان وغيرهما بلفظ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ) (١) فأكمل رسول الله الصلاة أربعاً ولم يستأنف صلاة جديدة بل بنى على ما قد فعل حيث صلى ركعتين تتمة للركعتين اللتين كان قد سلم فيهما ثم سجد سجدتي السهو، وقد أجاب عنهم أهل القول الأول: بأن ما كان من رسول الله من البناء على ما قد فعل لا يدل على جواز البناء على ما قد فعله المصلي الذي يسلم سهواً على ركعتين في الثلاثية أو الرباعية لأنه من المحتمل أن يكون هذا الفعل الصادر من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والبناء على ما قد فعل ثم سجوده سجدتي السهو كان في أول الإسلام لأن في أول الإسلام كان الكلام في أثناء الصلاة جائز ثم نسخ جواز الكلام وأمر الصحابة أن يسكتوا في الصلاة وصار الكلام في الصلاة من المبطلات لها، ورد أهل القول الثاني: هذا الجواب باحتمال كون هذا الفعل كان في أول الإسلام بعيد جداً بل هو في غاية من البعد لأن نفس جواب الكلام في الصلاة كان في أول الإسلام وهذه القصة التي حكيت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه بنى على ما قد فعل ومثله الصحابة الذين صلوا خلفه بنوا على ما قد فعلوا هي قصة متأخرة بدليل أن أبا هريرة وغيره من الصحابة الذين رووها وشاهدوها لم يسلموا إلا في السنة السابعة من الهجرة وهم أبو هريرة ومعقل بن يسار الذين أجمع العلماء أن إسلامهما كان متأخراً وثالثهم عمران بن الحصين الذي اختلف العلماء في إسلامه وقيل كان من السابقين الأولين الذين أسلموا في مكة قبل الهجرة وقيل كان إسلامه متأخراً مثل أبي هريرة ومعقل بن يسار، وسواءً صح أن عمران أسلم قديماً ومتأخراً فهو لم ينفرد بذكر حديث ذو اليدين بل قد رواه غيره كـ (أبي هريرة، ومعقل بن يسار) ولم يسلما إلا بعد نسخ جواز الكلام في الصلاة بمدة طويلة، وبناءً على ذلك فلا حجة لأهل القول الأول في نسخ حديث ذي اليدين، والظاهر ما قاله أهل القول الثاني من جواز البناء على ما قد عمله المصلي ثم يسجد للسهو عملاً بحديث ذي اليدين.

[وجوب عمل المصلي المريض بغلبة ظنه]

س: حينما أؤدي الصلاة المكتوبة وأنا مريض لا أدري كم صليت من شدة الألم، فماذا أفعل؟

جـ: على المريض أن يصلي قائماً فإذا لم يستطع القيام فليصل قاعداً ويومئ إيماء وإذا لم يستطع فيصلى على


(١) صحيح البخاري: كتاب الأذان: باب هل يأخذ الإمام إذاشك بقول الناس. حديث رقم (٧١٤) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ)
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، والترمذي في الصلاة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في باقي مسند المكثرين، ومالك في النداء للصلاة، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحديث: الصلاة، الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>