للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: لا يجوز كثرة التلفظ بالطلاق ولا ينبغي لأن الله عز وجل ما شرع الطلاق إلا للضرورة وعند الضرورة القصوى ولم يجعل الطلاق لعبة في يد بعض الرجال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ: وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ) (١) وقال العلماء: من طلق هازلاً وقع الطلاق على زوجته ولو كان يهزل به.

[جواز طلب مخالعة الزوج إذا لم تطق البقاء معه]

س: ماذا تفعل المطلقة طلاقاً رجعياً إذا لم تريد أن ترجع إلى مطلقها خصوصاً أن بينهما منازعات شديدة وأرادت أن تنفصل عنه نهائياً؟

جـ: المطلق طلاقاً رجعياً إذا راجع زوجته في مدة العدة فله الحق في المراجعة سواء كانت الزوجة المطلقة راضية بالرجوع أو كارهة فلا عبرة برضائها ولا حق لها في رفض الرجوع لقوله تعالى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} ولكن إذا كانت قد كرهته كراهة شديدة إلى أقصى حد ممكن من الكراهية ولا تطيق البقاء معه وأصبحت العلاقة بينهما متوترة توتراً شديداً فلا مانع لها من مخالعة زوجها بإرجاع المهر إليه لقوله تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٢) ولحديث (أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) (٣) في الحديث أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم زوجة ثابت بن قيس بن شماس برد حديقته التي أعطاها مقابل الطلاق.

[وجوب التوارث بين الزوجين إذامات أحدهما في عدة الطلاق الرجعي]

س: إذا طلق الرجل زوجته ثم مات بعد مدة قصيرة فهل ترث منه؟

جـ: إذا طلق الرجل المرأة ثم مات بعد مدة قصيرة فلا يخلوا إما أن يكون الموت وقع والمرأة في حال العدة وكان الطلاق بائناً أو لا يكون كذلك فإن كان قد طلقها وهي في حال العدة وكان الطلاق طلاقاً بائناً بينونة صغرى أو بينونة كبرى فإنها لا ترث منه ولا يرث منها لأنه ليس له أن يراجعها أثناء عدة الطلاق البائن، وسواء كان الطلاق البائن بينونة صغرى وهي التي طلقها زوجها حسب طلبها منه الطلاق إلى مقابل عوض تدفعه له ليوقع عليها الطلاق (وهو الخلع) أو كان الطلاق هذا طلاقاً بائناً بينونة كبرى وهو أن يطلقها زوجها الثلاث التطليقات المتخللات الرجعه فإن هذا الطلاق الآخر تُصبح المرأة به بائنة بينونة كبرى لا يحل له أن يتزوجها حتى تتزوج برجل آخر زواجاً شرعياً ويتصل بها إتصالاً جنسياً لقوله تعالى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٤)


(١) - سنن الترمذي: كتاب الطلاق: باب ماجاء في الجد والهزل في الطلاق. حديث رقم (١١٨٤) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ) صححه الألباني في صحيح الترمذي بنفس الرقم.
اخرجه أبوداود في الطلاق، وابن ماجة في الطلاق.
(٢) - البقرة: (٢٢٩)
(٣) - صحيح البخاري: كتاب الطلاق: باب الخلع وكيف الطلاق. حديث رقم (٥٢٧٣) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً)
أخرجه النسائي في الطلاق، وابن ماجة في الطلاق.
(٤) - البقرة: آية (٢٣٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>