و كما دل عليه حديث زوجة رفاعة رضي الله عنها قال لها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد طلقت من زوجها أتحبين أن تعودي إلى رفاعة، قالت: نعم، فقال لها الرسول -صلى الله عليه وسلم- (لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ) أما الطلاق الأول وهو الذي تبين المرأة من زوجها فيه بينونة صغرى فلا مانع له من أن يتزوج بها مرة أخرى ثانية أو ثالثه لكن بعقد جديد وبمهر جديد أيضاً ولو لم تكن قد تزوجت بزوج آخر، فهذا الرجل الذي طلق زوجته ومات وهي في العدة لا ترث منه ولا يرث منها ولو كان الموت قد وقع وهي في حال العدة لأحد الطلاقين البائنين، وإن كان الطلاق طلاقاً رجعياً وهو الطلاق الذي لم تكن طلقته هي الثالثة ولا هي إلى مقابل عوض ولو كانت هي الطلقة الأولى أو الثانية أي أن الطلاق الرجعي ما كانت الطلقة فيه غير ثالثة وكانت بلا عوض ففي هذا الطلاق الأرث فيه ثابت لكل واحد من الزوجين من تركة الآخر فإن مات قبلها وهي في عدة الطلاق الرجعي ورثته وإن ماتت قبله وهي في حال عدة الطلاق الرجعي ورثها وإذا اتفق أنهما ماتا معاً في لحظة واحدة وعلمنا أنه كم تقدم موت أحدهما على موت الآخر أو حصل عندنا الظن بأن موتهما كان في لحظة واحدة فلا توارث بينهما أبداً [أي لا ترث منه ولا يرث منها] فإذا كان للمرأة ورثة فلا يرثون من هذه المرأة في حالة موتهما معاً في لحظه واحدة إلا ما خلفته هي مما ورثته من أيِّ مورث لها قد مات قبلها فورثته أو مما كسبته بنفسها لنفسها، أما أنها ترث من الذي طلقها الطلاق الرجعي وكانت في العدة فلا ترث أصلاً مهما صح موتهما معاً في لحظة واحدة لأن من شرط التوارث أن يكون أحد الزوجين قد سبق الآخر بالموت، أي أن أحدهما تأخر موته عن موت الآخر سواء كان المتأخر أو المتقدم هو الزوج أو الزوجة.
هذا إن علمنا أو ظننا أن موتهما كان في لحظة واحدة أما إذا التبس الأمر ولم يظهر هل كان موت الزوج المطلق زوجته طلاقاً رجعياً وكانت في العدة قبل مطلَقته المذكورة بلحظة واحدة أم كان موته بعدها بلحظة واحدة أم ماتا معاً في لحظة واحدة فالارث ثابت فتكون المسألة مثل مسألة الغرقى والهدمى المذكوره في كتب الفرائض عند جميع أهل المذاهب الإسلامية المعمول بها وعلى الخلاف الذي حكاه العلماء في مسألة الغرقى والهدماء، فعلى المذهب الزيدي الهادوي والمذهب الأمامي الجعفري سيورث كل واحد من الزوجين من تركة الآخر وذلك بأن تقدر أن الزوجة هي التي ماتت أولاً فتكون تركتها لورثتها الشرعيين ويأخذ الزوج المذكور الربع إرثه من تركة هذه المرأة وبناء على ذلك فيضم ما سيأتي إلى تركته الأصلية ويقسم بين ورثته الشرعيين كما أن نقدر أن الرجل هو الذي توفي قبل المرأة فتكون تركته لورثته ومنهم هذه المرأة ويضم ما سيأتي لها إلى تركتها الأصلية التي ورثتها من أيِّ مورث غير الزوج وتقسم جميع ذلك كله بين جميع ورثتها غير الزوج المذكور.
أما على المذاهب الأخرى كالشافعي والحنبلي والمالكي والحنفي فإن التركة التي خلفها الزوج المذكور تكون لورثته الأحياء على الفرائض الشرعية ولا تدخل المرأة فيهم ولا تحصل على إرث من الرجل أبداً وتكون التركة منحصرة في التركة التي خلفتها المرأة مما كسبته أو ورثته من مورث آخر غير هذا الزوج وتقسم على الفرائض الشرعية لجميع ورثتها الشرعيين الأحياء فقط ولا يدخل هذا الزوج من جملة الورثة أي أنه لا توارث بين الزوجين فلا ترثه ولا يرثها وبعبارة أوضح لا يرث ورثة الزوج من تركة الزوجة وإنما يرثون مما خلفه الزوج من المخلف الأصلي ويكون وجود المرأة وعدمه على السواء، وكذلك لا يرث ورثه الزوجة من تركة الزوج أيَّ شيء وإنما يرثون ممَّا خلفته الزوجة المذكورة من المخلف الأصلي فقط، أي أن كل واحد منهما لا يكون وارثاً ولا يكون موروثاً ما دام ولم يعرف من هو الذي تأخر موته ومن هو الذي تقدم موته وهذا المذهب الذي حكيته عن الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية هو المختار عند الهيئة العلمية لتقنين أحكام الشريعة الإسلامية الذين رجحوا كلام الجمهور في مسألة الغرقى والهدمى على كلام الهادوية والجعفريه، لأن المسألة من المسائل