للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحريم ادعاء الغيب]

س: ما قولكم عن امرأة في بلاد (رداع) تخبر الناس أنها تعلم الغيب في وجود الماء في الطبقات الأرضية وعندما لا يوجد الماء تقول لهم أنتم قدمتم الحفر أو أخرتم الحفر ولم تزل تشعوذ على الناس وتختلسهم أموالهم، فما حكم الدين في مثل هذه المرأة؟

جـ: اعلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى ولا يعلمه المخلوق حتى الأولياء والصالحين والعلماء العاملين فضلاً عن المشعوذات والمشعوذين والدجالات والدجالين، فمن كان مؤمناً راجح العقل يحفظ ماله ولا يصدق الكذابات ولا الكذابين، وإذا كان يجب أن يعرف مواطن الماء الذي يمكن أن يحفر فيها بئراً من الآبار العادية أو بئراً من الآبار الارتوازية الحديثة فليستعن بالخبراء من علماء الجيولوجيا العارفين بطبقات الأرض وما في جوفها من مياه عن دراسة وعلم ومعرفة لما قرره المختصون في هذا الفن، ولا يستعن بالدجالين ولا بالدجالات ولا بالمشعوذات والكذابات اللاتي يأكلن أموال الناس بالباطل ويكفيه ما قد وقع من هذه المرأة (لا يُلدَغ المؤمنُ مِنْ جحرٍ واحدٍ مرَّتين) (١).

س: ما صحة معرفة أو قيمة ما يسمى بنجم الحمل علمياً، وما ينجم عن ذلك من كلام غريب كأنه استدراج لمعرفة الغيب؟

جـ: اعلم بأن هذا الذي يقال عنه بأنه يخرج الأموات من قبورهم قد كثر الكلام حوله فمن الناس من يقول بأنه عبارة عن حيوان يشتهي لحوم الموتى وأنه يخرج جثث الأموات ويحملها على ظهره وأن له عدة أيدي وعدة أرجل ومن الناس من لا يصدق ما يقال عن هذا الحيوان ولا يؤمن بوجوده وأنا ممن لا يصدق ما يقال عنه ولا أصدق بوجود حيوان يسمى الحمل أو الباعث له أيدي وأرجل أكثر من غيره من الحيوانات التي تمشي على رجلين أو على أربعة أرجل وأن من طبيعته أن يراقب الأموات الذين يدفنون في قبورهم فمن كان نجمه الحمل نبش قبره وأخرجه، ومن لم يكن نجمه الحمل لا ينبش قبره ولا يخرجه إلى آخر ما جاء في السؤال، وإنما أنكرت وجود هذا الحيوان الموصوف بتلكم الصفات لأني لم أراه ولم يخبرني عدل ثقة بأنه رآه وحيث أني لم أراه ولم يخبرني عدل ثقة فالأصل عدم وجود هذا الحيوان الغريب في شكله والغريب في إدراكه حتى أراه بعيني أو يخبرني رجل عدل لا يكذب وضابط لما يعي ولما يرى أو يسمع وممن لا يخبر بالأوهام والتوهمات والخيالات ولعل غيري من العقلاء لا يصدق ما يقال عن هذا الحيوان من ناحية كونه موجوداً أولا، ومن ناحية شكله وأعماله ومعرفة طالع الميت وهل هو الحمل أو سعد الذابح أو سعد السعود أو غيرها من النجوم، فإذا كان طالع الميت هو الحمل فإنه ينقض على القبر فينبشه ثم يخرج الميت ويحمله على ظهره إلى مكان مجهول، وإذا كان طالع الميت غير الحمل فإنه لا يأخذه هم على حق إذا لم يصدقوا ما قيل عن هذا المخلوق ولم يؤمنوا بوجوده لان الأصل هو عدم الوجود ومن ادعى الوجود فعليه البرهان الصريح على صحة دعواه هذا هو جوابي.

س: يحصل في بعض المحافظات أن يُقرأ في ليلة النصف من شعبان ويُذكر فيه ما نصه (اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو فقيراً في الرزق فامسح من أم الكتاب شقاوتي وحرماني وتقتير رزقي


(١) - صحيح البخاري: كتاب الأدب: باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. حديث رقم (٥٩٩١) بلفظ (عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه عنِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لا يُلدَغ المؤمنُ مِنْ جحرٍ واحدٍ مرَّتين).
أخرجه مسلم في الزهد والرقائق، وأبو داود في الأدب، وابن ماجة في الفتن، وأحمد في باقي مسند المكثرين، والدارمي في الرقائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>