للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س: يقول بعض الناس بأنه إذا هطلت الأمطار على بلد وصادف أن مناطق مجاورة بحاجة إلى المطر يذهب بإناء فارغ إلى البلاد التي هطل فيها مطر ويأخذ ماء مع التراب ويدفنه في بلاده ويدعي أنه بعد قليل ينزل على بلاده مطر، فهل عملهم هذا صحيح؟

جـ: هؤلاء الناس الذين يفعلون هذا ليسوا على حق أي أنهم ينقلون ماءً وتراباً من الأرض الممطورة ثم يدفنونه في الأرض غير الممطورة فينزل المطر بسبب ذلك، كل ذلك ليس له أصل في العقل ولا في النقل ولا تدل عليه الأدلة الشرعية أو العلوم الطبيعية بل هي من جملة الخرافات.

س: ما قول علمائنا الأجلاء فيمن يجمع الأموال لشخص يوهم الناس بأنه قادر على صرف المطر من أرض إلى أرض، وفيمن يعتقد في القبور وفي أصحاب القبور، ويتوسل بالأموات لشفاء المرضى، هل هذا جائز أم أنه غير جائز؟

جـ: اعلم بأن جميع ما جاء في هذا الاستفتاء ليس من الدين الإسلامي في شيء ولا يمت إلى الإسلام بصلة وهو مخالف لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، فقد دلت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة والإجماع على أن الله سبحانه وتعالى هو الذي ينزل الغيث كما دلت الأدلة أيضا على مشروعية الدعاء عند حصول القحط والجفاف كما شرع الاستغفار من الذنوب التي تكون سبباً لإرسال الله سبحانه وتعالى المطر على المستغفرين والتائبين والراجعين إلى الله سبحانه وتعالى قال أعز من قائل {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} (١) وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخرج إلى الجبَّانة يصلي بالناس صلاة الاستسقاء فمن يزعم أنه يقوم بصرف المطر من منطقة إلى أخرى ومن يقوم بجمع الأموال لهؤلاء الكذابين إلى مقابل صرفهم المطر من منطقة إلى أخرى ومن فوق بعض الأراضي إلى أراضٍ أخرى، وهم كلهم دجالون كذابون مشعوذون وآخذون لأموال الناس بالباطل وكلهم على باطل وكلهم مشتركون في الإثم لأن من يدعي أنه قادر على صرف المطر من سماء أرض إلى سماء أرض أخرى وإنزاله على الأرض التي يريد أن يمطرها فهو مجرم شرير، ومن يقوم بجمع الأموال لهؤلاء المجرمين هو أيضاً مجرم وشرير لأن الدال على الشر كفاعلة.

كما دلت الأدلة على أن من مات انقطع عملة إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، وبناءً على ذلك فمن اعتاد من الناس الخير في زيارة بعض القبور في يوم معلوم من السنة للتبرك بقبور بعض الأموات ولطلب الشفاء منهم للمرضى معتقدين أنهم يضرون أو ينفعون أو يكونون سبباً في نزول الأمطار فإنهم بغلطهم هذا قد خالفوا ما جاء عن الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله واعتقدوا النفع أو الضر ممن قد انقطع عمله وأصبح محتاجاً إلى دعاء من لم ينقطع عمله، وكيف لا يكونون مخالفين لما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم يطلبون النفع من الموتى تاركين العمل لأنفسهم بأنفسهم، وهذا والله لمن أعجب العجب وذلك لأن الأموات قد انقطعت أعمالهم وصاروا محتاجين إلى من يدعو لهم من الأحياء القادرين على الدعاء، ومن العجب أن يطلب الأحياء من الأموات أن يشفوا مرضاهم أو يدفعوا عنهم القحط والجفاف وهم في قبورهم عاجزين عن نفع أنفسهم فضلاً عن نفع غيرهم من الأحياء.


(١) نوح: آية (١٠، ١١)

<<  <  ج: ص:  >  >>