للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س: توفي رجل وخلف أولاداً كثيرين وأوصى بثلث ممتلكاته لولديه الصغيرين مقابل تعليمهما وتكاليف زواجهما، فما هو حكم هذه الوصية؟

جـ: اعلم أن العدل بين الأولاد في الوصية واجب شرعاً لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) كما أن الوصية للوارث غير مشروعه وغير نافذة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم (إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) (١) لكن إذا كان الوالد قد زوّج إخوة الولدين الصغيرين من ماله الخاص لا من سعيهم فلا مانع له من أن يوصي بشيء لولديه الصغيرين في تكاليف زواجه بل ذلك واجب عليه من باب المساواة بين الأولاد، وهكذا لا مانع له من الوصية للولدين الصغيرين بشيء من أمواله إلى مقابل تعليمهما إذا كان إخوانهما الكبار قد تعلموا على نفقة الوالد المذكور من باب المساواة بين الأولاد الواجبة على كل وارث ولكن يشترط في مثل هذه الوصية أن تكون بقدر ما يلزم للزواج وللتعليم، فإذا كان الشيء الذي أوصى به هذا المتوفى كثيراً أو هو ثلث ما يملك لكنه زائدٌ على محتاجات الزواج والتعليم فالزائد هذا لا تنفذ الوصية فيه، بل يكون تركة للجميع يقسم على جميع الورثة على الفرائض الشرعية.

[جواز تصرف الموصى له بالوصية في غير الزواج]

س: رجل أوصى لابنه الصغير مبلغاً من المال في زواجه أسوة بإخوانه الكبار، فهل هذا صحيح؟ واذا استعمل الموصى له هذا المال في غير الزواج كالتجارة وغيره فهل هذا صحيح؟

جـ: الوصية صحيحة، ولا مانع له من التصرف بما أوصى له في شيء آخر.

وجوب تطبيق وصية الموصي حرفياً

س: أوصى رجل بقطعة أرض زراعية بأن تكون غلتها للمحتاجين الذين يطوفون بالأبواب، في هذه الأيام لم يعد لهم وجود، وجعل الولاية لابنه وللابن هذا أخوات محتاجات لم يجدن من بعولتهن، فهل لهن الحق في هذه الوصية أم لا؟

جـ: اعلم أن اللازم على الموصي أن يطبق وصية الموصى ويعمل بموجب ما نصت عليه حرفياً وإذا لم يبق أحد ممن يطوفون على الأبواب فليتصدقوا للفقراء والمساكين والعاجزين الذين يقفون في أبواب المساجد، وهناك رأي لبعض العلماء يقول: إن ما بطل مصرفة يرجع وقفاً لورثة الميت للذكور والأناث معاً، وعليه نص علماء المذهب الهادي وإذا كان مقلداً للهادي فليصرفها على إخوانه ذكوراً وإناثاً، هذا عند انعدام الذين يطوفون بالأبواب، ولا يجوز لهذا أن يصرفه على نفسه دون أخواته وهذا بناء على مذهب الهادي، أما الراجح عندي فهو عدم رجوع ما قد بطل نفعه إلى ورثة الواقف وقفاً بل يصرف في قربة أخرى كما رجحه الجلال والشوكاني.

س: رجل أوصى (بثلث ماله) لبناء مسجد جديد ومتكامل، وبعد أن مات قام الوصي بترميم وإصلاح المسجد القديم واستولى على الباقي من ثلث المال الموصى به، فما الجواب؟


(١) سنن النسائي: كتاب الوصايا: باب إبطال الوصية للوارث. حديث رقم (٣٥٨١) بلفظ (عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ عَلَى نَاقَتِهِ وَأَنَا تَحْتَ جِرَانِهَا وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا وَإِنَّ لُعَابَهَا يَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) صححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم (٣٦٤٣).
أخرجه الترمذي في الوصايا، وابن ماجة في الوصايا، وأحمد في مسند الشاميين، والدارمي في الوصايا.
أطراف الحديث: الوصايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>