للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ) (١) وإذا قد ظهر الأمر واتضح وشاع بين الناس فتقدم للمحاكمة الشرعية لأنه ربما أنها مغتصبة أو مكرهة أو مخدوعة أو مستغفلة بأن كانت نائمة واستغفلت أو غيره، ويصح للمحكمة قبول دعوى وبرهان الإكراه، وإذا كانت ثياب المرأة ممزقه ويظهر على جسمها آثار الضرب والجنايات والقاضي الشرعي يعرف القرائن ويستمع إلى البراهين فلا يجوز قتل المرأة إذا اتهمت بالزنا من قبل قبيلتها، وإذا اجتمعوا على قتلها فيقتلون بها جميعاً ما عدى الأب فلا يقتل لأنه لا يقتل أصل بفرع.

من أراد قتل زيد عمداً فقتل عمراً فحكمه قتل عمدٍ لأنَّ كليهما قتل نفس محترمة

س: من أراد أن يقتل زيدا لعداوة بينهما فأخطأ زيداً وقتل عمراً فهل يسمى خطأ أم عمد؟

جـ: قال بعض العلماء: يسمى قتله خطأ ما دام وهو كان لا يريد إلا خصمه فلان، وقال بعض العلماء أن قتله يعتبر قتل عمد لأنه كان يريد قتل زيد فقتل عمراً وكلاهما قتل نفس محترمه فهو عمدٌ يقتل به قصاصاً إن طالب أولياء الدم بالقصاص، وهذا القول الأخير هو المطبق في وزارة العدل وفي المحاكم الشرعية في الجمهورية اليمنية.

القصاص لا يسمى حداً

س: هل القصاص حدٌ أو تطهير؟

جـ: القصاص لا يسمى حداً ولذا فالجمهور من العلماء يقولون في الحدود كتاب الحدود والقصاص.

[لا يقتل الأصل بالفرع]

س: هل يقتل الأصل بالفرع؟

جـ: لا يقتل والد بولده فإذا قتل الأصل الفرع فإنه يأثم وأما القتل فلا يقتل أصل بفرع، فمن يقتل ولده أو ولد ولده من ذكر أو أنثى فإنه لا يقتل به ولكنه يأثم ويجب عليه دفع الدية إذا طلبها ورثة المقتول من أبنائه وزوجته وغيرهم من الورثة، هذا بالنظر إلى أحكام الدنيا أما بالنسبة لأحكام الآخرة فإن قتل الفرع حرام لقوله تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (٢) وإذا تاب القاتل فإن التوبة هي فيما بين العبد وبين الله تعالى، أما فيما بين القاتل والمقتول فالأمر موكول إلى علم الله تعالى.

س: أقدم رجل على قتل ابنه عمداً لا خطأً مقابل مبلغاً من المال لم يسدده لابنه فحكمت المحكمة على الوالد بدفع الدية وهناك من استنكر حكم المحكمة وطالب بتنفيذ عقوبة الإعدام على الأب لأنه قتل ابنه عمداً فما هو الوجه


(١) - موطأ مالك: كتاب الحدود: باب ما جاء في من اعترف على نفسه بالزنا. حديث رقم (١٢٩٩) بلفظ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسَوْطٍ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَالَ: فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ فَقَالَ: دُونَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ وَلَانَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجُلِدَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ).
انفرد به مالك.
(٢) - سورة النساء: آية (٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>