للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الرابع: بحوث فقهية وحديثيه]

[الإمام السيوطي وأحاديث الجامع الصغير]

سئلت هل صحيح أن أحاديث الجامع الصغير ليس فيها حديث موضوع وأن جميع ما فيه صحيح أو حسن أو ضعيف؟

فأجبت كالتالي:

كتاب (الجامع الصغير في أحاديث البشير والنذير) للحافظ السيوطي رحمه الله المتوفى سنة (٩١١ هـ) من أحسن ما جمعه العلامة من أحاديث السنة النبوية، وقد تضمن هذا الكتاب القيم حوالي عشرة آلاف حديث كما حصرها العلامة النبهاني، وصرح بذلك العدد في أول كتابه (الفتح الكبير في ضم الزيادات على الجامع الصغير) منتقداً على العلامة المناوي مؤلف (فيض القدير شرح الجامع الصغير) ومن تبعه من العلماء الذين ألفوا في عدد أحاديث هذا الكتاب وأنهوها إلى عشرة آلاف حديث وستمائة حديث وأربعة وثلاثين حديثاً (١) وقد التقطها المؤلف من كتابه المطول الذي أسماه (الجامع الكبير) والذي جمع فيه من أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله حوالي مائة ألف حديث، وقد رتب الإمام السيوطي رحمه الله أحاديث (الجامع الصغير) القولية على الحروف المعجمة مبتدئاً بالأحاديث القولية التي أولها (الألف) ومنتهياً بالأحاديث التي أولها (الياء) ذاكراً عقب كل حديث المصدر الذي منه كان نقل الحديث والصحابي الذي روى الحديث أي أنه التزم بذكر المخرج للحديث والراوي له عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كان منقولاً من مصدرين أو عدة مصادر بأن أخرجه إمامان من أئمة الحديث أو أكثر من إمام فإنه يذكر جميع من أخرجه كما أنه يذكر أسماء الرواة الذين رووا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مهما كان عددهم، رامزاً لكل كتاب برمز يميزه عن غيره من الكتب حسب ما قدمه في هذا الكتاب العظيم وبمقتضى الاصطلاح الذي عمله لهذه الكتب التي نقل (جامعه الصغير) منها، كما أنه قد رمز لما كان صحيحاً بلفظه (صح) ولما كان حسناً بحرف (الحاء) المفردة وهكذا، ولما كان ضعيفاً بحروف (الضاد)، وأخيراً صرح بأنه التزم في مؤلفه هذا بأن لا يذكر فيه إلا ما كان صحيحاً أو حسناً أو ضعيفاً، أما ما كان من الأحاديث الموضوعة فإنه لم يذكره في كتابه هذا كما نص على ذلك في مقدمة كتابه بقوله: (وقد بالغت في تحريره فتركت القشر وأخذت اللباب وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب) (٢)، ولكني لاحظت عند مطالعتي لهذا الكتاب القيم بمجرد ما تصفحت بعض صفحاته الكثيرة التي تجمع الصفحة الواحدة منه أكثر من ثلاثين سطراً وتحتوي على حوالي ثلاثين حديثاً بعض أحاديث رمز لها بالصحة وليست صحيحة بل حسنة أو ضعيفة بل وجدت فيه بعض أحاديث رمز لها بالصحة في حين أنها موضوعة فيكون بذكره لها قد خالف ما قرره في مقدمة الكتاب من وجهين:

الوجه الأول: أنه خالف اصطلاحه بالرمز بلفظه (صح) لما كان صحيحاً.

الوجه الثاني: أنه حشر في مؤلفه بعض أحاديث قد نص العلماء على أنها من الأحاديث المفتراة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنها من الأخبار الموضوعة المنصوص عليها في المؤلفات التي ألفها أصحابها في بيان الأحاديث الموضوعة ليحذروا الناس من العمل بها أو الاعتقاد بأنها من السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام في حين


(١) - الفتح الكبير بضم الزيادة إلى الجامع الصغير للنبهاني صفحة (ح ب).
(٢) - الجامع الصغير (ص ٣ ـ جزء ١ مطبعة الحلبي).

<<  <  ج: ص:  >  >>