للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسعَةٌ وَتِسعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر) (١) وعلى هذا الأساس فالكلام الذي ذكره السائل من أوله إلى آخره منسوباً إلى النسائي وإلى تصحيح ابن حبان لا أصل له بهذا السياق في سنن النسائي ولا في غيره ولم يصححه ابن حبان ولا غيره ولم يروه أبو أمامة بهذا السياق ولا غيره، ولكن الذي أخرجه النسائي وصححه ابن حبان هو (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت)، هذا هو ما أخرجه النسائي وابن حبان وصححه من حديث أبي أمامة فقط وقد أخرجه الطبراني عن أبي أمامة وزاد فيه و (قل هو الله أحد)، وأما (مَنْ سبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسعَةٌ وَتِسعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فليس في آخره أنه لا يمنعه من دخول الجنة إلا الموت أو إلا أن يموت بل في آخره (غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْر) ولم يروه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو أمامة بل الذي رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أبو هريرة ولم يخرجه النسائي بل أخرجه مسلم في صحيحه، إذا تقرر هذا فاعلم أن حديث أبي أمامة في (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) هو حديث صحيح مروي من طريق الحسين بن بشر عن محمد بن حمير والحسين هذا ثقة وقد تابعه هارون بن داود النجار الطرسوسي، ومحمد بن العلاء ابن زبريق الحمصي، وعلي بن صدقة وغيرهم كما قال الحافظ ابن حجر في التهذيب، وأخرجه أيضاً الطبراني وابن حبان في صحيحة كما في الترغيب حيث قال رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح وقال شيخنا أبو الحسن هو على شرط البخاري وابن حبان في كتاب الصلاة وصححه وقد قال النسائي في الحسين بن بشر لا بأس به وقال في موضع آخر ثقة وقال أبو حاتم رجاله رجال الصحيح، وقال في مجمع الزوائد أخرجه الطبراني فالحديث صحيح عند الحافظ وشذ الحافظ ابن الجوزي في عده من جملة الموضوعات في كتابه المشهور الموضوعات من الأحاديث المرفوعات ونقده من جاء بعده من الحفاظ مثل الحافظ ابن حجر والحافظ السيوطي والحافظ ابن عرّاق والحافظ الألباني، وأما زيادة (وقل هو الله أحد) فقد أخرجها الطبراني في بعض الروايات وصرح الهيتمي في بعض طرقها بأن أحد أسانيدها جيد وسبقه إلى ذلك الحافظ المنذري، وأما الحديث الوارد في التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وأنه يغفر لصاحبه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر المروي عن أبي هريرة فهو صحيح مخرج في صحيح الإمام مسلم رحمه الله، وأما معنى قوله (لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) فهو كما قال العلامة المحقق سعد الدين التفتازاني رحمه الله يعني لم يبق من شروط دخول الجنة إلا الموت وكأن الموت يمنعه ويقول لا بد من حضوري أولاً لتدخل الجنة.

[كراهة الجهر بالأذكار التي عقيب الصلوات المكتوبة]

س: هل يشرع التهليل والتكبير بعد صلاة الفجر في مكبرات الصوت أم أنه غير مشروع؟

جـ: عدم مشروعية التهليل والتكبير على الصفة المذكورة في السؤال بعد صلاة الفجر لأنه سيكون مخالفاً لقول الله تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} (٢) ومخالفاً لقوله -صلى الله عليه وسلم- (أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاج رَبَّهُ فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ فِي


(١) - صحيح مسلم: سبق ذكره في هذا الباب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (١٣٥١).
(٢) الأعراف: آية (٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>