للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذبح فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي أخذنا عنه المناسك قال (منى كلها منحر) وقال (فجاج مكة طريق ومنحر) فلو كان النحر في مكة لانتفع الآلاف من الناس من اللحوم وهم في أشد الحاجة إليها، أو يراجع كتاب (صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- للألباني فسيجده قد صرح بهذا المعنى حيث قال (لو عرف الحجاج هذا الحكم فذبح قسم كبير منهم في مكة لقل تكدس الذبائح في منى وطمرها في التراب كي لا يفسد الهوى ولاستفاد الكثير من ذبائحهم ولزال بذلك بعض ما يشكوا منه قسم كبير من الحجاج وما ذلك إلا لسبب جهل كثير منهم بالشرع (١)، هذا والجدير بالذكر أن بعض أهل الخير في العام الماضي قد عملوا واجباً يحمدون عليه وقاموا بعمل يشكرون عليه ويثابون حيث طلبوا بواسطة البنك الإسلامي ممن يريد أن يذبح دم التمتع أن يسلم مبلغ (ثلاثمائة ريال) من العملة السعودية للبنك الإسلامي ويتعهد البنك بذبح الهدي عن المتمتع بعد أن يسلم البنك سنداً فيما استلمه من الحاج المتمتع على أن يبعث الحجاج الذين قد سلموا المبلغ عنهم وكيلاً يحضر حال الذبح إن أرادوا بشرط أن يكون عن الخمسين الحاج وكيلاً واحداً لأنه سيكون وكيلاً في المشاهدة للمذبوحات حال ذبحها من باب التأكد إن أحبوا أن يتأكدوا وإلا فالتوكيل من كل واحد لهذه الجمعية وأخذ سند الاستلام كاف في المقصود، وهذه العملية جائزة ومشروعة وقد نفذت هذه العملية فعلاً في موسم الحج الماضي وتوزع اللحم على الفقراء في الداخل والخارج (٢)، وقد كنت أفتي كل من سألني من الحجاج في ذلك الموسم بأن هذا العمل جائز شرعاً بل هو أفضل من الذبح في منى حيث لا ينتفع به أحد من الفقراء كما هو المشاهد، ولا سيما أن أكثر الحجاج يكتفون بالذبح ولا يقطعونه ولو عملوا بالسنة النبوية أنهم يستسمنون الهدي أولاً أي لا يشترون من الذبائح إلا ما كان سميناً طيباً ثم بعد ذلك يلزمون الجزار بنزع جلده وغسل لحمه وتقطيعه ثم يقسمونه على الفقراء لحماً طرياً سميناً طيباً لطيفاً.

والحاصل:

أن من أراد أن يعمل بالسنة النبوية فعليه أن يستسمن الهدي ويذبحه ويقطعه ويغسله ويقسمه للفقراء.

إذا لم يستطع أن يعمل هذا العمل على هذه الصفة فيسلم المبلغ المطلوب لأصحاب هذه المؤسسة التي قد تعهدت ويوكلها في الذبح ويأخذ سند الاستلام فذلك أفضل من أن يذبحه ويلقي به في التراب بحيث لا يستفيد منه أحد بل بالعكس يضر الحجاج بتعفنه ونتن رائحته كما لا يخفى على كل من قد شاهد ذلك كله في منى طيلة أيام منى (وهي يوم النحر وأيام التشريق).

[آراء العلماء في وجوب دم التمتع على من خرج من المواقيت بعد أداء العمرة المتمتع بها]

س: هل يسقط دم التمتع عمن خرج من المواقيت بعد أداء العمرة المتمتع بها إلى الحج أم لا يسقط ولا بد من دم؟

جـ: من كان متمتعاً وخرج من أحد المواقيت لزيارة رحم أو لتجارة أو لزيارة مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة المنورة مثلاً فحجه صحيح عند العلماء وهو المنصوص عليه في كتب الفقه، ولكن العلماء اختلفوا في حكم المتمتع إذا عمل هذه العملية هل يبقى متمتعاً ولو خرج من الميقات بعد أن يحل ثم أحرم من أيِّ المواقيت التي تكون في طريقه أم يصير بخروجه من الميقات غير متمتع والذي ذهب إليه علماء المذهب الهادوي هو القول بأنه يبقى متمتعاً ويلزمه ما يلزم المتمع من ذبح الهدي إن تيسر له ذلك فإذا لم يجد قيمة هدي فعليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله، قالوا لأن الإحرام من مكة للحج بعد الإحلال ليس شرطاً من شروط صحة


(١) صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- للحافظ الألباني.
(٢) كان هذا حوالي (١٤٠٤ هـ أو ١٤٠٥ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>