للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الأول: البيع]

[صحة البيع بمجرد التراضي]

س: هل يشترط في البيع الإيجاب والقبول؟

جـ: قال الفقهاء: يشترط الإيجاب والقبول إلا في المحقرات، ولكن المعمول به الآن في المحاكم الشرعية هو أن العبرة في صحة البيع مجرد التراضي لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١) ولحديث (لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه) (٢) وهو مذهب علماء اليمن المتأخرين العلامة (صالح المقبلي) والعلامة (حسن الجلال) والعلامة (محمد بن إسماعيل الأمير) وشيخ الإسلام القاضي العلامة (محمد بن علي الشوكاني) واختاره من أئمة اليمن الإمام (يحيى بن حميد الدين) وبلغ به المحاكم في عصره للعمل بموجبه.

س: ما رأيكم في المبايعة بالكتابة؟

جـ: المهم هو الرضا والقنوع من الطرفين بأيِّ وسيلة من الوسائل الدالة على الرضا سواء بصيغة البيع والشراء وهي الإيجاب والقبول أو بالمعاطاة وأحد يسلم السلعة والآخر يسلم الفلوس أو بالكتابة أو بالإشارة كله جائز وكله صحيح المهم الرضا لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣) ولحديث (لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه).


(١) - النساء: (٢٩).
(٢) - مسند أحمد: كتاب مسند البصريين: حديث عم أبي حرة الرقاشي. حديث رقم (١٩٧٧٤) بلفظ (عن أبي حرة الرقاشي عن عمه، قال: كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أوسط أيام التشريق أذود عنه الناس فقال: يا أيها الناس أتدرون في أي شهر أنتم وفي أي يوم أنتم وفي أي بلد أنتم؟ قالوا: في يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه، ثم قال: اسمعوا مني تعيشوا، ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه، ألا وإن كل دم ومال ومأثرة كانت في الجاهلية تحت قدمي هذه إلى يوم القيامة، وإن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل، ألا وإن كل ربا كان في الجاهلية موضوع وإن الله -عز وجل- قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب، لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون، ألا وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، ثم قرأ إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم، ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكنه في التحريش بينكم، فاتقوا الله -عز وجل- في النساء فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإن لهن عليكم ولكم عليهن حقا أن لا يوطئن فرشكم أحدا غيركم ولا يأذن في بيوتكم لأحد تكرهونه فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، قال حميد قلت للحسن ما المبرح قال المؤثر ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله -عز وجل-، ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يديه فقال: ألا هل بلغت، ألا هل بلغت، ألا هل بلغت، ثم قال: ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع) حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٧٦٦٢).
أخرجه أبو داود في النكاح، والدارمي في البيوع.
معاني الألفاظ: الزمام: الحبل الذي تقاد به الدابة. التشريق: الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى. الذود: الطرد والمنع.
مأثرة: من المآثر وهي مكارم الجاهليين ومفاخرهم. … الدين القيم: الذي لا عوج فيه. التحريش: الإغراء وتحريض البعض على الآخر.
العاني: الأسير وكل من ذل واستكان وخضع. … النشوز: العصيان ومخاصمة الأزواج. … مبرح: شديد وشاق.
(٣) - النساء: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>