للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ) (١) واللعن: هو الطرد من رحمة الله وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (اللهم اطرد الراشي والمرتشي من رحمتك) واللعن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الفعل دليل التحريم.

س: هل يجوز للإنسان أن يتعامل بالرشوة إذا كان له معاملة ضرورية وهو يعلم أن حقه لن يخرج إلا إذا دفع فلوساً رشوة؟

جـ: إذا كان الدفع لاستخراج حقه وهو يعلم قطعاً أنه يستخرج حقه ولا يخرج حقه إلابدفع الرشوة ففي هذه الحالة يجوز، وإن كان يدفع الرشوة للحاكم لكي يتساهل في أخذ بينات الخصم الثاني فهي حرام.

س: إذا كان لا يمكن الحصول على الحق إلا بالرشوة لفساد الموظف فهل يجوز دفع رشوة علما أنه إذا أمتنعتُ عنها خسرت حقي وتضررت، فما حكم الشرع في ذلك؟

جـ: إذا كنت تعلم أن الحق معك والحاكم قد عرف الحق ولكن يظهر أنه لن يخرج الحكم إلا بفلوس فهل يجوز لك أن تسلم فلوساً لاستخراج الحق الذي لك أم لا؟ قال بعض العلماء: لا مانع من ذلك ويكون الظالم هو الحاكم وهو الآثم، وأما أنت فليس عليك شئ لأنك تريد استخراج حقك وأنت في هذه الحالة مضطر.

س: إذا لم يتمكن الإنسان من الحصول على استخراج حقه إلا بالرشوة فهل يُلعن مع الملعونين؟ مع أنه يعطيها وهو كاره؟

جـ: إذا كان مضطراً لدفع الرشوة لاستخراج حق شرعي له ولا يمكن خروجه إلا بالرشوة ففي هذه الحالة يجوز له إعطاء الرشوة والإثم على الحاكم المرتشي، وإن كان يريد بالرشوة شيئاً ليس له فيه حق فلا يجوز إعطاء الرشوة وهي حرام على الراشي والمرتشي لحديث (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ).

قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار

س: ما مدى صحة هذا الحديث الذي يقول (القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار).

جـ: حديث (الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ، قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ لَا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ) (٢) فالقاضي الذي في الجنة هو الذي عرف الحق وحكم به، والقاضيان اللذان في النار هما القاضي الذي عرف الحق ولم يحكم به، أو القاضي الذي يحكم في القضية وهو لا يعرف الحق من الباطل.

[تحريم قبول القاضي للهدايا]

س: ما حكم الهدايا التي تقدم للقضاة؟

جـ: الهدايا التي تقدم للقاضي أو الرشوة فهي حرام لحديث (اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سُفْيَانُ أَيْضًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ: هَذَا


(١) سنن الترمذي: كتاب الأحكام: باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم. حديث رقم (١٣٣٦) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ) صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (١٣٣٦).
أخرجه أحمد في باقي مسند المكثرين.
(٢) سنن الترمذي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما برقم (١٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>