للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س: من حلف وقال سراً إن شاء الله، فما حكم يمينه؟

جـ: إن شاء الله لا تكون استثناءً إلا إذا علق اليمين بشيء في المستقبل، أما إذا حلف أنه ما عمل شيئاً قد مضى فلا عمل بقوله إن شاء الله لأن الناس قد تلاعبوا بلفظة (إن شاء الله).

[قول ابن عباس بجواز التراخي في الاستثناء في الأيمان قول ضعيف]

س: هل هناك قول للعلماء بجواز التراخي في الاستثناء في الأيمان؟

جـ: هو مذهب حبر الأمة (عبدالله بن عباس) ولكنه مذهب ضعيف لأنه سيؤدى إلى عدم إتمام المعاملات المالية وغيرها من العقود كالبيع والشفعة والإجارة وبيعة الخلفاء وغيرها من عقود المعاملات.

[آراء العلماء في انعقاد اليمين على الغير]

س: هل تنعقد اليمين على الغير؟

جـ: عند الهادوية: أن اليمين تنعقد على الغير، فبناءً على هذا القول فمن حلف على إنسان آخر ولم يبر قسمه فيجب على الحالف أن يكفر، ولكن علماء اليمن المتأخرين مثل (المقبلي) و (الجلال) و (الشوكاني) و (الأمير) قالوا: إن اليمين لا تنعقد على الغير لأن الإنسان الآخر ليس تحت سلطة الحالف، ولأنّ للغير إرادته وقدرته وطاقته، وللحالف إرادته وقدرته وطاقته، والإنسان لا يحاسب إلاَّ على أفعال نفسه ولا يحاسب على أفعال الغير، وكان الأولى بالإنسان الآخر أن يبر قسم أخيه ويلبي طلب أخيه جبراً لخاطره لحديث (أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ) (١) وقد أساء الإنسان الآخر بعدم إبرار قسم أخيه وأثِم.

س: إذا دعى رجلٌ رجلاً أن يتناول طعام الغداء عنده وحلف الداعي على المدعو ويغلب في ظن الداعي أن المدعو سيستجيب له ولكن المدعو لم يحضر، فهل يحنث الحالف وتجب عليه كفارة؟

جـ: لا يحنث الحالف لأن اليمين على الغير لا تنعقد ويأثم المحلوف عليه بعدم إبرار قسم الحالف لحديث (أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ) ولا تجب عليه كفاره، هذا ما ذهب إليه جماعة من العلماء منهم الإمام (شرف الدين) و (الجلال) و (المقبلي) و (الأمير) و (الشوكاني).

س: دعوت أحد أصدقائي للغداء فلم يرض فقلت له والله لا بد أن تصل وتتغدى عندي فانتظرته ولم يصل فسألت بعض العلماء فقال: عليك كفارة، وسألت آخرين فقالوا: لا كفارة عليَّ فتحيرت فأفيدوني جزاكم الله خيراً؟

جـ: من أجابك أيها السائل بأن عليك الكفارة فهو مبني على أن اليمين تنعقد على الغير وهو مذهب الهادي، ومن أجابك أنه لا كفارة عليك فهو مبني على أن اليمين لا تنعقد على الغير وهو مذهب المقبلي والأمير والشوكاني، وبناء على ذلك فعليك الكفارة عند الهادوية، وليس عليك كفارة عند الشوكاني والأمير وغيرهما، ورأيي


(١) - صحيح البخاري: كتاب الأيمان والنذور: باب إبرار القسم. حديث رقم (١١٦٣) بلفظ (عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ، أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْقَسِّيِّ وَالْإِسْتَبْرَقِ).
اخرجه مسلم في اللباس والزينة، والترمذي في اللباس، والنسائي في الأيمان والنذور، وابن ماجة في الكفارات، وأحمد في أول مسند الكوفيين.
أطراف الحديث: الجنائز، الزينة.
معاني الألفاظ: التشميت: أن يقال للعاطس رحمك الله إذا حمد الله. القسي: ثياب مخططة بالحرير. استبرق: ما غلظ من الحرير.

<<  <  ج: ص:  >  >>