للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ، فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ) (١) في الآية والحديث دلالة على مشروعية الإجارة ويدل على مشروعية الإجارة من القرآن الكريم قوله تعالى {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (٢) وقوله تعالى {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا … يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (٣) وقوله تعالى {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (٤) وأما القول بعدم جواز الإجارة فهو قول مخالف للنصوص القرآنية والحديثية الكثيرة التي دلت على جواز الإجارة ومشروعيتها، فالأدلة قد وردت بجواز الوكالة وبجواز الإجارة، فالمضاربة داخلة تحت كل منهما فالمضاربة مشروعة بالأدلة الكلية.

[حكم المضاربة]

س: ما حكم المضاربة؟

جـ: هي جائزة بأدلة الإجارة والوكالة من الكتاب ومن السنة لأن المضاربة داخلة تحت مسمى الإجارة ومعناها لأن رب المال يؤجر العامل يتجر في ماله ويجعل رب المال أجرة للعامل هي النسبة من الربح التي يعطيها لمقابل عمله في ماله وهي داخلة تحت مسمى الوكالة لأن رب المال يوكل العامل في شراء سلع تجارية بماله ويوكل العامل في بيع السلع التي اشتراها بمال رب المال فهو وكيل لرب المال في الشراء وفي البيع، وقد قال شيخ الإسلام (الشوكاني) في كتابه (وبل الغمام) ما نصه (وعندي أن المضاربة داخلة تحت قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٥) وقوله تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٦) بل كل ما دل على جواز البيع وعلى جواز الإجارة وعلى جواز الوكالة دل عليها وبيان ذلك أن المالك للنقد دفعه إلى آخر ووكله بالشراء له بنقده ما رآه ووكله أيضاً ببيعه وجعل له أجرة على تولي البيع وتولي الشراء وهي ما سماه له من الربح فجواز البيع والشراء داخل تحت أدلة الوكالة وجواز جعل جزء من الربح للوكيل داخل تحت أدلة الإجارة) انتهى كلامه رحمه الله.

قال الحافظ بن حجر: (الذي نقطع به أنها كانت ثابتة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بها وأقرها وقد نُقل أن حكيم بن حزام كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة ألا تجعل مالي في كبد رطبة ولا تجعله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل فإن فعلت شيئاً من ذلك فأنت ضامن مالي).


(١) - صحيح البخاري: كتاب الإجارة: باب استئجار المشركين عند الضرورة. حديث رقم (٢٢٦٣) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، اسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ، هَادِيًا خِرِّيتًا، الْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ، قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ، فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ، فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ).
أخرجه أبو داود في اللباس، وأحمد في مسند الشاميين.
أطراف الحديث: الصلاة، البيوع.
معاني الألفاظ: … الخريت: الدليل والمرشد.
(٢) - الكهف: (٧٧)
(٣) -: القصص: (٢٦)
(٤) - يوسف: (٧٢)
(٥) - البقرة: (٢٧٥)
(٦) - النساء: (٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>