للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواز الصلح بقبول الدية وتغريب القاتل عمداً عن البلاد

س: ما هو الحكم فيمن يصلح بين أناس وقع بينهم قتل على أن يسلموا الدية ويذهب المتهم بالقتل يعيش في بلاد أخرى أو في قرية أخرى هل هذه من باب القبيلة أم أن لها أصلاً في الشرع الشريف؟

جـ: اعلم أن مثل هذا السؤال الذي سألت عنه قد وقع في أيام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقد جاء في كتب السيرة المحمدية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أن فتح مكة المكرمة أمن أهل مكة جميعاً إلا أشخاصاً سماهم ومنهم (وحشي بن حرب) الذي كان قد قتل سيد الشهداء (الحمزة بن عبدالمطلب بن هاشم) رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في يوم أحد وقصته مشهورة في كتب السيرة المحمدية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، وقد قتل البعض من هؤلاء فعلاً مثل (عبدالله بن خطل) كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عفا عن البعض بشفاعة بعض الصحابة مثل (عبدالله بن أبي سرح) الذي شفع فيه عثمان بن عفان رضي الله عنه، كما أن (وحشي بن حرب) واجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم راجياً منه العفو فطلب منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقص عليه كيفية قتله عمه (الحمزة بن عبد المطلب) رضي الله عنه في يوم أحد فلما فرغ (وحشي بن حرب) من حكايته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم للكيفية التي قتل فيها (حمزة بن عبد المطلب) عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم أحد عفا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه وأمره حال عفوه عنه بأن يغيب وجهه عنه بحيث لا يراه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو المعصوم يأمر وحشياً الذي قتل عمه بأن يغيب وجهه عنه خشية من أن يراه مرة أخرى أو مرات فيغضب عليه عند أن يراه حيث يتذكر أنه قاتل عمه رضي الله عنه فبالأولى والأحرى أن يُؤمر القاتل في هذه الأيام بأن ينتقل من قريته إلى قرية أخرى أو من قبيلته إلى قبيلة أخرى خشية من أن يراه ورثة المقتول وهو في حالة راحة ومسرة وهم في حالة حزن وغم وشقاء فتعود إليهم غريزة الغضب وحب الانتقام فيحدث مالا يحمد عقباه من إثارة الفتنة من جديد وتكون بسبب ذلك النتيجة وخيمة والنهاية سيئة، إذا تقرر هذا عرفت أنه لا مانع لمن يريد أن يصلح بين ورثة المقتول وبين القاتل أن يجعل من جملة مواد الصلح أن يترك القاتل قريته أو ناحيته إلى قرية أو ناحية أخرى.

وأن لهذه العملية أصلاً في السنة النبوية وفي السيرة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وأن هذا الفعل ليس من الأعراف القبلية بل هو من الشريعة الإسلامية لأن الشريعة الإسلامية هي قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره وهذا قد ثبت بالفعل والتقرير.

في المسائل الملتبسة يصلح القاضي الشرعي بين المتخاصمين صلحاً بحسب التراضي بينهم

س: إذا كان بين متخاصمين مسألة ملتبسة فكيف يعمل القاضي الشرعي أو المصلح بينهما؟

جـ: يصلح بينهما بحسب التراضي ويتقاسموا ويسهم عليه.

[تحريم الرجوع عن الصلح إذا قد تم التراضي بين المتصالحين]

س: هل يجوز الرجوع عن الصلح؟

جـ: إذا قد رضي به الجميع فلا يجوز وإن لم يكن قد رضي به الجميع فيجوز الرجوع عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>