للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولحديث (وَمَنْ آتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) (١) وينبغي للإنسان أن يكافئ مالك الحيوان ليغذيه لكون الحيوان يضعف بخروج المني منه، والمنهي عنه هو الشرط أو البيع.

[تحريم بيع الماء الخارج من عيون الأرض من ذات نفسه وجواز بيع الماء المحاز بنوع حيازة]

س: ما حكم بيع الماء؟

جـ: بيع الماء فيه تفصيل:

الماء الذي يخرج من عيون الأرض من ذات نفسه في أرض غير مملوكة دون أن يقدم الشخص أيَّ عمل أو جهد أو تكلفه في إخراجه لا يجوز بيعه والناس شركاء فيه لحديث (الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ) (٢)، أما إذ قد تعب الشخص في إخراجه من الأرض أو استأجر آلة لحفر الأرض وإخراجه، أو حازه بأيِّ نوع من أنواع الحيازة فإنه يجوز للحائز بيعه والتصرف فيه ولم يعد يصدق عليه حديث (الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ) والدليل على ذلك شراء (عثمان) رضي الله عنه لبئر اليهودي الذي كان في المدينة المنورة أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- وإقرار النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك في حديث (مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلَ دَلْوَهُ مَعَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ) (٣) وبناء على ذلك فكل ماء تعب الرجل أو غرم في إخراجه أو اشتراه من رجل قد تعب أو غرم في إخراجه فإنه يجوز لمن حازه أو اشتراه بيعه وشراؤه.

[جواز حيازة الكلأ المباح وجواز بيع الكلأ المحاز بنوع حيازة]

س: ما حكم بيع الحطب (الكلأ)؟

جـ: الكلأ في الأرض المباحة غير المملوكة يجوز لكل واحد أن يحوزه وأن يتملكه، أما إذا قد حاز الكلأ شخص بأيِّ نوع من أنواع الحيازة بأن يقطعه أو يحمله على ظهره أو على ظهر حيوان أو سيارة أو جمعه وحازه فيجوز للحائز بيعه والتصرف فيه ويجوز للمشتري شراؤه ممن قد حازه بأيِّ نوع من أنواع الحيازة، والدليل على ذلك قصة الرجل الفقير الذي جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكو الفقر فطلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إحضار ما معه من أشياء في


(١) - سنن النسائي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عمر رضي الله عنهما برقم (٢٥٢٠).
(٢) - سنن أبي داود: كتاب البيوع: باب في منع الماء. حديث رقم (٣٤٧٧) بلفظ (حَدَّثَنَا أَبُو خِدَاشٍ وَهَذَا لَفْظُ عَلِيٍّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا، أَسْمَعُهُ يَقُولُ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم.
أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار.
(٣) - سنن الترمذي: كتاب المناقب: باب في مناقب عثمان بن عفان. حديث رقم (٣٧٠٣) بلفظ (عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ الدَّارَ حِينَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِصَاحِبَيْكُمْ اللَّذَيْنِ أَلَّبَاكُمْ عَلَيَّ، قَالَ: فَجِيءَ بِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا جَمَلَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِمَارَانِ، قَالَ: فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ يُسْتَعْذَبُ غَيْرَ بِئْرِ رُومَةَ، فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلَ دَلْوَهُ مَعَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي، فَأَنْتُمْ الْيَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ حَتَّى أَشْرَبَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْمَسْجِدَ ضَاقَ بِأَهْلِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَشْتَرِي بُقْعَةَ آلِ فُلَانٍ فَيَزِيدَهَا فِي الْمَسْجِدِ بِخَيْرٍ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي فَأَنْتُمْ الْيَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أُصَلِّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنِّي جَهَّزْتُ جَيْشَ الْعُسْرَةِ مِنْ مَالِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى ثَبِيرِ مَكَّةَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَنَا فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ حَتَّى تَسَاقَطَتْ حِجَارَتُهُ بِالْحَضِيضِ قَالَ فَرَكَضَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ اسْكُنْ ثَبِيرُ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ شَهِدُوا لِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَنِّي شَهِيدٌ ثَلَاثًا). حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم (٣٧٠٣).
أخرجه النسائي في الأحباس.
معاني الألفاظ: أشرف: أطل. … أنشده بالله: سأله وأقسم عليه. … الركض: الضرب بالرجل أي الرفس

<<  <  ج: ص:  >  >>