للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صحة من حج بمال حرام ويجب عليه إرجاع المال الحرام لمالكه]

س: ما رأيكم في رجل حج بمال حرام اكتسبه؟

جـ: الحج قد صح و يجب عليه أن يرد المال الحرام لمالكه لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١).

[صحة حج الولد عن والده لأن الولد من سعي أبيه]

س: إذا حج الولد عن والده دون إيصاء منه وهو مستطيع مادياً، فهل يجزئ ذلك؟

جـ: من مات ولم يحج فحج عنه أحد أولاده فحجة الولد عن والده مجزأة لحج الإسلام عن الوالد لأن الولد من سعي أبيه وقد ورد النص من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك في حديث (إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ) (٢).

[استحباب حج الورثة عمن مات ولم يكن قد حج حجة الإسلام]

س: إذا مات شخص ولم يحج، فهل يجب على ورثته أن يحجوا عنه أم أنه مندوب فقط؟

جـ: العلماء ينصون على ندبية الحج عن الميت إذا لم يوص ولا سيما لمن كان من أولاده، وأما الوجوب فلا يجب عليهم إلا إذا أوصى ويكون إخراج أجرة من سيحج عنه من الثلث ولكن يؤخذ من حديث الجهنية التي قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ) (٣) يفهم من هذا الحديث وجوب حج الولد عن أبيه وإن لم يوص بأن يحج عنه، وبأن ذلك الحج تكون نفقته من رأس التركة لا من الثلث حيث وإخراج الدين لا يحتاج إلى وصية مهما ثبت لدى الميت، كما أن الدَّين يكون من رأس التركة لا من الثلث والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد جعل الحج من الدين الذي يجب الوفاء به في حديث (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).

[عدم وجوب الهجره من بلد منعت الدولة فيه أهله من الحج]

س: إذا منعت الدولة أهل بلد من الحج، فهل تجب عليهم الهجرة؟

جـ: لا تجب عليهم الهجرة والجدير بالذكر أن (مصطفى أتاترك) منع الأتراك من الحج فلم يحجوا في أيامه أو بعد وفاته وذلك حوالي خمسين سنة، وفي ما كان يسمى بـ (الاتحاد السوفيتي) مُنِعَ المسلمون منذ قيام الثورة البلشفية، وقبل عدة سنين سمحت الحكومية الروسية لعشرين حاجاً من خمسين مليوناً، وقبل عام أو عامين


(١) - التحريم: آية (٦)
(٢) سنن أبي داوود: كتاب البيوع: باب الرجل يأكل من مال ولده. حديث رقم (٣٥٣٠) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (٣٥٣٠).
أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة.
(٣) صحيح البخاري: كتاب الحجـ: باب الحج والنذورعن الميت والرجل يحج عن المرأة. حديث رقم (١٧٥٤) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَةً اقْضُوا اللَّهَ، فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ).
أخرجه النسائي في مناسك الحج، وأحمد في ومن مسند بني هاشم.
أطراف الحديث: الأيمان والنذور، الاعتصام بالكتاب والسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>