للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأفضل في حق من يصبر على الألم ولا يجزع التفويض]

س: أيهما أفضل للإنسان أن يفوض الأمر إلى الله ولا يتعالج أو يتعالج ولا يفوض الأمر إلى الله تعالى؟

جـ: يختلف باختلاف الحالات فمن كان سيصبر على الألم ولا يجزع فالتفويض في حقه أفضل ولا يتداوى، ومن كان سيجزع من المرض ولا يستطع الصبر ويعرف من نفسه عدم الصبر فالأفضل في حقه التداوي لحديث المرأة التي كانت تصرع فطلبت من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يدع الله لها بالشفاء، والحديث هو (أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا) (١) لأن المريض يؤجر على كل ألم يحصل له، بحيث أن أهل العافية يتمنون لو قرضوا بالمقاريض حينما يشاهدون ثواب أهل البلاء في الآخرة.

س: هل يمكن حمل أحاديث الصبر على المرأة التي تصاب بالصرع خاص بالصرع؟

جـ: لا نقول أنه خاص بالصرع ولا بالمرأة لأن حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشيء على بعض الصحابة هو حكم لجميع المسلمين إلا إذا ورد دليل خاص.

[جواز التداوي بالحجامة]

س: ما حكم الحجامة؟

جـ: جائزة لحديث جابر (إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ) (٢) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحتجم في الكاهل و الأخدعين كما في حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في الأخدعين وعلى الكاهل) (٣).

س: من أين أخذتم الدليل على كراهة الحجامة حيث أنه لا يوجد في كتاب الدراري المضيئة؟

جـ: على صاحب السؤال أن يراجع كتاب الإجارة وسيجد فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال (كسب الحجام خبيث) (٤) وأحاديث أخرى تدل على التحريم فضلاً عن الكراهة، وإنما يدل على الكراهة لأن المسوغ لنقلها


(١) صحيح البخاري: كتاب الطب: باب فضل من يصرع من الريح. حديث رقم (٥٦٥٢) بلفظ: (حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا).
أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، وأحمد في ومن مسند بني هاشم.
(٢) صحيح البخاري: كتاب الطب: باب الدواء بالعسل. حديث رقم (٥٢٥١) بلفظ (عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ الدَّاءَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ).
أخرجه مسلم في السلام، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: الطب.
معاني الألفاظ: شرطة: المشرط الذي يشق به موضع الحجامة. … لذعة بنار: حرق خفيف بالنار.
(٣) سنن الترمذي: كتاب الطب: ماجاء في الحجامة. حديث رقم (١٩٧٦) بلفظ (عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في الأخدعين وعلى الكاهل) صححه الألباني في صحيح سنن أبن ماجة برقم (٢٨٢٣).
معاني الألفاظ: احتجم: الحجامة هي إخراج الدم الفاسد من البدن. الأخدع: عرق بجانب العنق. الكاهل: ما بين الكتف والعنق.
أخرجه أبو داود في الطب، وابن ماجه في الطب، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
(٤) - صحيح مسلم: كتاب المساقاة: باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي. حديث رقم (٢٩٣٢) بلفظ (حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ).
أخرجهالترمذي في البيوع، والنسائي في الصيد والذبائح، وأبو داود في البيوع، وأحمد في مسندالشاميين، والدارمي في الببيوع.
معاني الألفاظ: الحجام: من يخرج الدم الفاسد من البدن. المحاجم: المراد أدوات الحجام.
الواشمة: من تقوم بعمل الوشم، وهو أثر وخز الجلد بالإبر. المستوشمة: التي تطلب لنفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>