للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب العاشر: قضاء الفوائت]

آراء العلماء في جواز قضاء من ترك الصلاة عمداً

س: ما حكم قضاء من ترك الصلاة حتى خرج وقتها عمداً؟

جـ: عند علماء الظاهريةلا يوجد لديهم باب القضاء لأن من نسي صلاته أو نام عنها فوقتها حين يذكرها، ومن تعمد قطع الصلاة فيتوب إلى الله ولا يقضي، وعند جمهور العلماء يقضي وجوباً لعموم حديث (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) (١) وهو يعم العبادات كلهاإلا صلاة العيد، فالعلماء متفقون أن صلاة العيد إذا فات وقتها فلا تقضى من بعد ظهر يوم العيد، وإنما تقضى صباح يوم ثاني العيد لحديث (أنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ) (٢).

قضاء من ترك الصلاة متعمداً

س: من ترك الصلاة متعمداً تكاسلاً عدة شهور ثم تاب، فهل يجب عليه قضاء أم ماذا يعمل؟

جـ: اختلف العلماء على قولين:

الأول: قول الجمهور بأنه يجب عليه أن يقضي ما فاته من الصلوات مهما بلغت سواء يقضي مع الفروض بحيث يصلي الظهر أداء ويصلي معه ظهراً قضاءً ويصلي العصر أداءً ويصلي معه عصراً قضاء والمغرب والعشاء والفجر كذلك حتى يقضي الصلوات التي عليه أو يجمعهن في يوم واحد أو وقت واحد ويقضيهن كلهن ويرتاح بدليل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى) (٣) فمن ترك صلاة أو زكاة أو صياماً أو حجاً أو غيره فعليه القضاء لعموم هذا الحديث.

الثاني: ذهب بعض العلماء مثل ابن تيمية وابن القيم وابن حزم الظاهري وهو مذهب ابنى الهادي إلى أن عليه التوبة الصادقة النصوح فيكثر من نوافل العبادات والذكر وتلاوة القرآن الكريم لأن تعمد ترك الصلاة فسق ومعصية والمعصية لا يكفرها إلا التوبة النصوح والإكثار من الحسنات لأن الحسنات يذهبن السيئات قوله تعالى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (٤) ولا يلزمه القضاء وهو ما ذهب إليه سيد سابق في كتاب فقه السنة.

تحريم ترك الصلاة تكاسلاً وتهاوناً ووجوب القضاء

س: ما حكم تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً منه؟


(١) - صحيح البخاري: كتاب الصوم: باب من مات وعليه صوم. حديث رقم (١٩٠٣) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى).
أخرجه مسلم في الصيام، والترمذي في الصوم، وأبوداود في الأيمان والنذور، وابن ماجة في الصيام، وأحمد في ومن مسند بني هاشم.
(٢) - سنن أبي داود: كتاب الصلاة: باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد. حديث رقم (١١٥٧) بلفظ (عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ). صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم.
أخرجه النسائي في صلاة العيدين، وابن ماجة في الصيام، وأحمد في أول مسند البصريين.
معاني الألفاظ: الغدوة: الخروج من أول النهار.
(٣) - صحيح البخاري: سبق ذكره في هذا الباب من حديث ابن عباس رضي الله عنهما برقم (١٩٥٣).
(٤) - هود: الآية (١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>