للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: ليس لولي المقتول أو المقتولين العفوعن القتل لأن المسألة ليست مسألة قصاص لولي الدم أن يعفو ويسقط عن القاتل أو القاتلين حكم القتل بل إن المسألة مسألة حدود، وإقامة الحدود واجبة على ولي أمر المسلمين، وليست المسألة من باب القصاص التي هي من حق أولياء الدم، ومسألة المحارب هي من باب الحدود.

[لا يجوز للإمام أن يسقط الحدود لمصلحة]

س: هل يجوز للإمام أن يعفو ويسقط الحدود؟ وهل هو من المصالح أو المفاسد؟

جـ: لا يجوز للإمام أن يسقط الحدود، وبعض العلماء قالوا: إلا لمصلحة والصحيح أنه لا مصلحة في إسقاط الحدود بعد أن قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسامة ذلك القول الشديد (أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟! ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَتْ، لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا) (١).

[جواز الستر عن المسلم أو المسلمة قبل وصول الجريمة إلى القاضي الشرعي]

س: هل يجوز الصلح في الحدود قبل وصولها إلى القاضي الشرعي؟

جـ: الستر عن المسلم أو المسلمة جائز لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّه) (٢) وحديث (تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ) (٣) وحديث (فَهَلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ) (٤) فيشرع الستر، أما بعد وصولها إلى القاضي فلا يسمى صلحاً ولا يجوز محاولة التستر عليه.

جواز استبدال القاضي الشرعي أو إمام المسلمين النفي من الأرض بالسجن استحساناً

س: هل لولي الأمر أن يستبدل بالنفي في الأرض السجن أي يسجن المفسد الذي لم يقتل ولم ينهب؟

جـ: إذا كان من باب الاستحسان فيجوز، أما أننا نفسر النفي في الآية بالسجن فلا.


(١) - صحيح البخاري: كتاب الحدود: باب كراهية الشفاعة في الحد إذا وقع. رقم (٦٧٨٨) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمْ الْمَرْأَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ؟ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟! ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرَقَتْ، لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا)
أخرجه مسلم في الحدود، والترمذي في الحدود، والنسائي في قطع يد السارق، وأبوداود ف الحدود، وابن ماجة في الحدود، وأحمد في باقي مسند الأنصار، والدارمي في الحدود.
أطراف الحديث: المناقب، الشهادات.
(٢) - موطأ مالك: كتاب الحدود: باب ما جاء في من اعترف على نفسه بالزنا. حديث رقم (١٢٩٩) بلفظ (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِسَوْطٍ فَأُتِيَ بِسَوْطٍ مَكْسُورٍ فَقَالَ: فَوْقَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرَتُهُ فَقَالَ: دُونَ هَذَا، فَأُتِيَ بِسَوْطٍ قَدْ رُكِبَ بِهِ وَلَانَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجُلِدَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ).
انفرد به مالك.
(٣) - سنن أبي داود: كتاب الحدود: باب العفو عن الحدود مالم تبلغ السلطان. حديث رقم (٤٣٧٦) بلفظ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ) صححه الألباني في صحيح أبي داود بنفس الرقم.
أخرجه النسائي في قطع السارق.
(٤) ـ سنن أبي داود: سبق ذكره من حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه برقم (٤٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>