للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهدوا على زوجتك على الصفة المذكورة آنفاً وهل كانت الزوجة حاضرة حال أداء الشهادة أم كانت الشهادة مجملة وبغير حضورها وعلى كل حال فالمسألة خطيرة وتحتاج إلى تثبت ويكون كل شيء على الصفة الشرعية، وأما حكم بقائها عندك فإن كنت متأكداً من صحة ما تقول معرفة شرعية وصحيحة فالواجب عليك مفارقتها بطلاق وإن كنت لا تعرف معرفة حقيقية على الصفة الشرعية المذكورة سابقاً فلا تطلقها، وأما حكم الأولاد فإن كنت ستلاعنها عند القاضي الشرعي وتنفي نسبهم إليك أو تبقي بعضهم فإن القاضي سوف يفرق بينك وبينها ويلحق الأولاد بأمهم ولا يلحقهم بك ويرثون من أمهم ولا يرثون منك ولا ترث منهم إن كنت نفيتهم كلهم أو بعضهم فذلك الذي تنفيه غير لاحق بك بل لاحق بأمه، وإن كنت لم تلاعنها عند القاضي فالأولاد أولادك لأن (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَر) (١) كما جاء في الحديث الصحيح وسواء طلقتها أولاعنتها فإنه يجب عليك أن تتأكد وتلاحظ الأمور الشرعية وتعرف أنه لا يرمي المسلم أو المسلمة بهذه الجريمة النكراء مسلم أو مسلمة إلا وهو عارف بما يثبت به هذه الجريمة وبأنه لا بد من الاعتراف من المتهم اعترافا حقيقيا ليس فيه رجوع أو بشهادة الأربعة الشهود العدول على مشاهدة الرجل والمرأه يمارسون هذه الجريمة الشنعاء على النعت السابق، وأن من اتهم زوجته بهذه المعصية الكبرى فلا مانع له من ملاعنتها عند القاضي الشرعي ونفي من يريد نفيه من الأولاد وتحرم عليه الزوجة تحريماً مؤبداً، أما إذا لم يلاعنها وقد عرف ارتكابها لهذه الفاحشة فعليه أن يطلقها ويلحق الأولاد بأبيهم وعلى الزوج المهر في كل الأحوال.

[كيفية اللعان أمام القاضي الشرعي]

س: سمعنا من الإذاعة جواباً على سؤال حول ملاعنة الزوج لزوجته ولم تظهر لنا كيفية الملاعنة لأن المجيب أحالها على الآية والحديث ولم نعرف الصيغة الشرعية لهذه الملاعنة فنطلب منكم الإيضاح ودمتم؟

جـ: اعلم بأن الرمي بالزنا خطيرٌ جداً إما في رمي الأجنبي للأجنبي أو الأجنبي للأجنبية أو العكس فلا بد من الاعتراف من المتهم بالزنا أو شهادة أربعة شهود عدول أنهم رأوا ذلك العضو من الرجل في ذلك العضو من المرأة فإذا لم يوجد أربعة شهود أو وجد أقل من الأربعة فالرامي لأيِّ شخص يكون قاذفاً ويحد حد القذف، أما في رمي الزوج زوجته فله حكم خاص في الإسلام وهو (اللعان) وهو إذا كان الزوج قد ادعى أن زوجته زنت فلا يطالب بأربعة شهود يشهدون على ذلك الفعل بل من قد رمى زوجته حكمه غير حكم رمي الأجنبي للأجنبي وهو أنهما يحضران إلى القاضي الشرعي فيعظهما ويحثهما على التصادق فإن إمتنعا بدأ بتحليف الزوج فيقول له قل والله العظيم إني لصادق فيما رميتك به من الزنا وأنفى ولدك هذا إن كان ثم ولداً ويكرره أربع مرات وفي المرة الخامسة ينتهي تحليف الزوج ثم يأمر الزوجة بالأيمان بأن يقول لها قولي والله العظيم إنه لمن الكاذبين في


(١) صحيح البخاري: كتاب الفرائض: باب الولد للفراش حرة كانت أو أمة. حديث رقم (٢١٠٥) بلفظ (عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ فَقَالَ: ابْنُ أَخِي عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، ثُمَّ قَالَ: لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ).
أخرجه مسلم في الرضاع، والنسائي في الطلاق، وأبو داود في الطلاق، وابن ماجة في النكاح، وأحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في الأقضية، والدارمي في النكاح.
أطراف الحديث: البيوع، الخصومات، العتق، الوصايا، المغازي، الفرائض، الحدود، الأحكام.
معاني الألفاظ: اختصم: احتكم. … للفراش: لصاحب الفراش وهو الزوج. العاهر: الزاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>