للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواز صلاة الظهر خلف من يصلي صلاة العصر]

س: هل يجوز أن يصلي المسلم الظهر خلف من يصلي العصر؟ ما هو الأرجح لديكم؟

جـ: فيه خلاف بين العلماء منهم من قال لا يجوز لاختلاف نية الفرضين وهذا هو رأي الهادوية ومن وافقهم، وبعضهم جوز اختلاف نية الفرضين وهو مذهب الشافعية والشوكاني، والأرجح عندي هو الجواز.

أما أولاً: فلأن الأصل في جميع الأشياء هو الجواز ومن أدعى المنع فليأت بالدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة وهم يستدلون بحديث (لا تختلفوا على إمامكم) والجواب عنهم: بأنه لا يوجد حديث بهذا اللفظ، وعلى فرض أن وجد فالمراد (لا تختلفوا على إمامكم) في الأعمال الحسية الظاهرية لا القلبية، وإلا فهناك من يؤِّمن ومن لا يؤِّمن، ومن يقول (سبحان ربي الأعلى) والآخر يقول (سبحان الله الأعلى وبحمده) وهكذا.

أما ثانيا: ً ففي صلاة تعليم جبريل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- الخمس الصلوات في اليومين وهوبلفظ (أمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ يَعْنِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ) (١) في حين أن الملائكة لا تجب عليهم الخمس الصلوات وإنما وجب على جبريل لوحده وجوب تعليم للنبي -صلى الله عليه وسلم- لا وجوب فرض يومي، والنبي -صلى الله عليه وسلم- الوجوب عليه وجوب فرض، واستدل الإمام الشافعي بهذا على جواز اختلاف نية الفرضين، وبناء عليه يجوز أن يصلي الظهر خلف من يصلي العصر ولا يصلي العصر ويؤخر الظهر لأن الترتيب بين الصلوات المفروضة واجب لحديث (فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ. ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ) (٢).

س: لحق بنا رجل ونحن نؤدي فريضة صلاة الظهر وقد اقترب وقت صلاة العصر، ولما عرف أننا نؤدي صلاة الظهر أعاد الصلاة وحاولنا إقناعه بأن صلاته بحسب نيته صحيحة فرد علينا بحديث (لا تختلفوا على إمامكم)، فما هو الثابت في السنة؟


(١) - سنن أبي داود: كتاب الصلاة: باب في المواقيت. حديث رقم (٣٩٣) بلفظ (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ الشِّرَاكِ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ يَعْنِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ) قال عنه الالباني في صحيح سنن أبي داود (حسن صحيح)
أخرجه الترمذي في الصلاة، وأحمد في ومن مسند بني هاشم.
معاني الألفاظ: زالت الشمس: مالت عن وسط السماء إلى جهة الغرب. الشراك: أحد سيور النعل. الشفق: الحمرة التي ترى في الأفق بعد مغيب الشمس. … الإسفار: تأخير صلاة الفجر حتى ينتشر ضوء الصبح.
(٢) صحيح البخاري: كتاب مواقيت الصلاة: باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت. حديث رقم (٥٩٦) بلفظ (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطأبِ، جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا، فَقُمْنَا، إِلَى بُطْحَان، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ. ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ).
أخرجه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، والترمذي في الصلاة، والنسائي في السهو.
أطراف الحديث: الاذان، الجمعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>