للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن شريعة من قبلنا شريعة لنا فذلك مشروط عند القائلين به أن لا يكون مخالفاً لما جاء في شريعتنا وذبح الولد في شريعتنا حرام لأنه معصية لله تعالى في قوله تعالى {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (١) وقوله تعالى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (٢) ولحديث (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ) (٣).

[إذا مات الناذر وقد نذر عدة نذور فإنها تتزاحم من الثلث]

س: إذا مات الناذر وقد نذر عدة نذور فكيف يكون تنفيذها إذا كان نذره لا ينفذ إلا في الثلث؟

جـ: إذا مات الناذر وقد نذر عدة نذور فإنها تتزاحم في الثلث، بل حتى لو كان قد نذر عدة نذور وأوصى عدة وصايا فكل الوصايا والنذور تتزاحم في الثلث، أمَّا إذا كان عليه نذر واحد فقط فإنه يخرج من الثلث أو بقدر الثلث فقط لحديث سعد بن أبي وقاص (يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ) (٤).

[من نذر بثلث أمواله وأوصى بثلث أمواله فتتزاحم في الثلث]

س: إذا نذر شخص بماله كله فيجزئ الثلث، فهل هذا الثلث يمنع من وصيته بالثلث أم أن النذر بالثلث لا يمنع الوصية بالثلث؟

جـ: إذا كان الناذر قد أخرج النذر في حياته وأنسلخ منه فيجوز له أن يوصى بالثلث من مخلفه بعد موته، وإن كان لم يخرج النذر في حياته وأوصى بثلث ماله فيتزاحم النذر مع الوصية في ثلث ماله بعد موته لحديث (قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ).


(١) - المائدة: آية (٣٢)
(٢) - النساء: آية (٩٣)
(٣) - سنن الترمذي: كتاب الديات: باب الحكم في الدماء. حدييث رقم (١٣١٨) بلفظ (حَدَّثَنَا أَبُو الْحَكَمِ الْبَجَلِيُّ قَال: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ) صححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (١٣١٨).
انفرد به الترمذي.
لايوجد للحديث مكررات.
(٤) - صحيح البخاري: كتاب الوصايا: باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أين يتكففوا الناس. حديث رقم (٢٧٤٢) بلفظ (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِير، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ).
أخرجه مسلم في الوصايا، والترمذي في الوصايا، وأبو داود في الوصايا، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، ومالك في الأقضية، والدارمي في الوصايا.
أطراف الحديث: الإيمان، الجنائز، الوصايا، المناقب.
معاني الألفاظ: … العيادة: الزيارة. … العالة: الفقراء. … فِي: فم.

<<  <  ج: ص:  >  >>