للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثاني: الربا]

[الربا لا يكون إلا في الأصناف الستة المنصوص عليها]

س: ما هو خلاف العلماء في علة الربا؟

جـ: علماء الظاهر والمقبلي قالوا: إن الربا لا يكون إلا في الأصناف الستة المنصوص عليها في حديث (إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى) (١) وفي رواية (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) (٢) ولا يكون في غيرها لأن العلة لم ينص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما جمهور العلماء فهم يقولون بأنه يقاس على الستة الأصناف ما يماثلها، ولكنهم اختلفوا في العلة ما هي؟ فبعضهم قال: العلة هي الكيل، وبعضهم قال: الطعم، وبضعهم قال: الاقتيات، وبعضهم قال: الوزن، وبعضهم قال: العدد.

س: ما هي العلة في تحريم الربا في النقود؟

جـ: العدد، لأن الدنانير كانت تأتي للعرب في أيام الجاهلية من بلاد الفرس، والدراهم الفضية كانت تأتي للعرب قبل الإسلام من بلاد الروم، وحينما جاء الإسلام لم يكن للعرب عملة خاصة متميزة والإسلام في أول الأمر لم يكن له عملة خاصة به وإنما كان المسلمون يتعاملون بالدنانير الواصلة من بلاد الفرس والدراهم الواصلة من بلاد الروم، وكانت الدراهم والدنانير عند العرب قليلة، وكانوا يتعاملون بالحيوانات الدية مائة رأس من الإبل، أو مائتا رأس من البقر، أو ألف رأس من الشياة، لأن الحيوانات كانت كثيرة في بلاد العرب بينما كان الذهب والفضة قليلان، و بعد الفتوحات الإسلامية حينما فتحت بلاد الفرس وبلاد الروم وجدت الدراهم والدنانير بكثرة واتسع التعامل بها لأنه لم يكن للإسلام ضريبة دولية خاصة بهم، وظل التعامل بعملة الفرس والروم إلى أيام الخليفة


(١) - صحيح مسلم: كتاب المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً. حديث رقم (٤٠٣٧) بلفظ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ فَجَاءَ أَبُو الْأَشْعَثِ قَالَ: قَالُوا: أَبُو الْأَشْعَثِ أَبُو الْأَشْعَثِ فَجَلَسَ فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْ أَخَانَا حَدِيثَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْنَا غَزَاةً وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ فَغَنِمْنَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَكَانَ فِيمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَهَا فِي أَعْطِيَاتِ النَّاسِ فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَبَلَغَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَقَامَ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى، فَرَدَّ النَّاسُ مَا أَخَذُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلَا مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ قَدْ كُنَّا نَشْهَدُهُ وَنَصْحَبُهُ فَلَمْ نَسْمَعْهَا مِنْهُ، فَقَامَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ فَأَعَادَ الْقِصَّةَ، ثُمَّ قَالَ: لَنُحَدِّثَنَّ بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَرِهَ مُعَاوِيَةُ أَوْ قَالَ وَإِنْ رَغِمَ، مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَصْحَبَهُ فِي جُنْدِهِ لَيْلَةً سَوْدَاءَ).
أخرجه الترمذي في البيوع، والنسائي في البيوع، وأبو داود في البيوع، وابن ماجة في التجارات، وأحمد في باقي مسند الأنصار، والدارمي في البيوع.
معاني الألفاظ: أعطيات: يوم اجتماع الناس لأخذ عطاياهم من الغنائم. … البُرّ: القمح. … أربى: فعل الربا المحرم.
(٢) - صحيح مسلم: كتاب المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً. حديث رقم (٤٠٣٨) بلفظ (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ).
أخرجه الترمذي في البيوع، والنسائي في البيوع، وأبو داود في البيوع، وابن ماجة في التجارات، وأحمد في باقي مسند الأنصار، والدارمي في البيوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>