للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموالاة هل هي واجبة شرعاً؟ أم هي مندوبة؟ فقيل إنَّ الموالاة بين أعضاء الوضوء إنَّما هي مندوبة فقط وليست بواجبة، وقيل بل إنَّ الموالاة واجبة شرعاً، بل بالغ أصحاب القول الثاني فقالوا يبطل الوضوء وينتقض إذا فصل بين العضوين فعل كثير مثل الأذان مثلاً كما روي عن الشافعي في أحد قوليه وأحمد بن حنبل والأوزاعي رحمهم الله، وممن قال: إن الموالاة مندوبة غير واجبه المهدي مؤلف الأزهار وهو المذهب الزيدي الهادوي، وإلى القول بأنَّ الموالاة واجبة ذهب الإمام الشوكاني مؤلف السيل الجرار، وهو المذهب المقرر عند علماء المذهب الشيعي الإمامي الجعفري.

[صحة الوضوء إذا بدأ في مكان وأكمله في مكان آخر إذا لم يخل بالموالاة]

س: هل الوضوء صحيح إذا توضأ شخص في مكان وأكمله في مكان أخر؟

جـ: لا مانع لكن خلاف الأفضل.

[استحباب قول الذكر المشروع عقيب الوضوء]

س: ما هو حكم ذكر الله تعالى عند الوضوء؟ ومن قال بوجوبه، فهل يجوز في الحمام؟ وكيف يكون؟

جـ: ذكر الله عند الوضوء أو عقب الوضوء ليس بواجب شرعاً لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر به وإنَّما هو من المندوبات أو من المسنونات إلاَّ إذا كان المتوضئ سيتوضأ في محل النجاسة فلا يشرع له الذكر حتى يخرج من محل النجاسات، فإذا خرج قال (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) (١) وهذا هو الذكر الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقب الوضوء كما في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مرفوعاً عند مسلم في الصحيح وزاد الترمذي في آخر هذا الحديث (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٢)

[استحباب صلاة ركعتين عقيب الوضوء]

س: هل يشرع أداء ركعتين عقب الوضوء في غير المسجد أم لا؟

جـ: اعلم أنَّ صلاة سنة الوضوء مشروعة والدليل على ذلك أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر بلال بأنَّه سمع خشخشته في الجنة وسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بلال عن العمل الذي يعمله حتى جعل هذا العمل الرسول يسمع خشخشة بلال في الجنة فقال بلال (مَا أَحْدَثْتُ إِلَّا تَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ) (٣) ولهذا ذكر العلماء من جملة السنن المشروعة سنة الوضوء، وعلى هذا الأساس فمن توضأ لأيِّ صلاة من الصلوات ولم يكن قد دخل وقتها ولم يكن قد شرع في إقامة الصلاة فيسن له أن يركع ركعتي سنةالوضوء، أما إذا كان المقيم قد شرع في الإقامة فلا يشرع له أن يصلي هاتين الركعتين.


(١) سنن الترمذي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بتصحح الألباني للحديث في صحيح سنن الترمذي رقم (٥٥).
(٢) سنن الترمذي: سبق ذكره في هذا الباب من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بتصحيح الألباني للحديث في صحيح سنن الترمذي برقم (٥٥).
(٣) مسند الإمام أحمد: باقي مسند الأنصار: حديث عبدالله بن بريدة. حديث رقم (٢٢٦١٤) بلفظ (أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ: أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِلَالًا، فَقَالَ يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ مَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، إِنِّي دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ، فَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُرْتَفِعٍ مُشْرِفٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ الْعَرَبِ، قُلْتُ: أَنَا عَرَبِيٌّ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، قُلْتُ: فَأَنَا مُحَمَّدٌ، لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْلَا غَيْرَتُكَ يَا عُمَرُ لَدَخَلْتُ الْقَصْرَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنْتُ لِأَغَارَ عَلَيْكَ، قَالَ وَقَالَ لِبِلَالٍ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قَالَ مَا أَحْدَثْتُ إِلَّا تَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِهَذَا) صححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (٣٦٨٩)
أخرجه الترمذي في المناقب.
أطراف الحديث: باقي مسند المكثرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>