للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثالث: أحكام الأسير والجاسوس والهدنة]

[جواز قتل الجاسوس إذا ثبت عليه التجسس على المسلمين للكافرين]

س: ما حكم تأمين الجاسوس؟

جـ: الجاسوس إن صح أنه جاسوس فإن حكمه راجع إلى رأى رئيس الدولة أو أمير الجيش فإن رأى أن يعمل بالأمان عملنا به، وإن رأى أن المصلحة في قتله قتلناه، كما في حديث (عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَيْنٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ، فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ) (١) وحديث (بَعَثني رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وأبا مَرْثَدٍ الغَنَويَّ والزبيرَ وكلُّنا فارسٌ، قال: انطلِقوا حتى تأتوا رَوضةَ خاخ فإن بها امرأةً منَ المشركين معها كتابٌ من حاطِبِ بن أبي بِلْتعةَ إلى المشركين، فأدركناها تَسيرُ على بَعير لها حيثُ قال رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: الكتاب، فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها، فالتمسْنا فلم نَرَ كتاباً، فقلنا: ما كذبَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، لتخرجِنَّ الكتابَ أو لنجرّدنَّكِ، فلما رأتِ الجدَّ أهْوَت إلى حُجْزَتها وهي محتجِزةٌ بكِساء. فأخرجَتهْ، فانطلَقنا بها إلى رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال عمر: يا رسولَ اللَّهِ، قد خانَ اللَّه ورسولَه والمؤمنين، فدَعني فلأضرِب عنقَه، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ما حَمَلَك على ما صنعتَ؟ قال حاطب: والَّلهِ ما بي أن لا أكونَ مؤمناً باللَّه ورسولهِ -صلى الله عليه وسلم-، أردتُ أن يكونَ لي عندَ القوم يدٌ يَدفَعُ اللَّهُ بها عن أهلي ومالي، وليس أحدٌ من أصحابِكَ إلاَّ لهُ هناكَ من عَشيرتِه مَنْ يَدفَعُ اللَّهُ بهِ عن أهلهِ وماله، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: صَدقَ، ولا تَقولوا لهُ إلا خيراً، فقال عمرُ: إنهُ قد خانَ اللَّهَ ورسولَه والمؤمنين، فدَعني فلأضرِبْ عُنُقَه، فقال: أليسَ من أهل بَدر؟ فقال: لعلَّ اللَّهَ اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شِئتم فقد وَجَبَتْ لكُم الجنة، أو فقد غَفَرتُ لكم) (٢) والرسول حكمه حكم المؤمَّن فلا يجوز قتله.

س: ما حكم الجاسوس المؤمن هل يجوز قتله؟

جـ: إذا صح أنه جاسوس يكون أمره موكَّلاً لإمام المسلمين يفعل الأصلح في شأنه، فيجوز قتله ويجوز تركه، فإن كانت المصلحة تقتضي قتله فيقتل، وإن كانت المصلحة تقتضي حبسه فيحبس، وإن كانت تقتضي تركه


(١) صحيح البخاري: كتاب الجهاد: باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان. حديث رقم (٣٠٥١) بلفظ (عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَيْنٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ، فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ).
أخرجه مسلم في الجهاد والسير، وأبو داود في الجهاد، وأحمد في أول مسند المدنيين أجمعين، والدارمي في السير.
معاني الألفاظ: الإنفتال: الانتهاء و الانصراف.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب المغازي: باب فضل من شهد بدرا. حديث رقم (٣٨٩٥) بلفظ (عن عليٍّ رضيَ اللَّهُ عنه قال: بَعَثني رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وأبا مَرْثَدٍ الغَنَويَّ والزبيرَ وكلُّنا فارسٌ، قال: انطلِقوا حتى تأتوا رَوضةَ خاخ فإن بها امرأةً منَ المشركين معها كتابٌ من حاطِبِ بن أبي بِلْتعةَ إلى المشركين، فأدركناها تَسيرُ على بَعير لها حيثُ قال رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: الكتاب، فقالت: ما معنا كتاب، فأنخناها، فالتمسْنا فلم نَرَ كتاباً، فقلنا: ما كذبَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، لتخرجِنَّ الكتابَ أو لنجرّدنَّكِ، فلما رأتِ الجدَّ أهْوَت إلى حُجْزَتها وهي محتجِزةٌ بكِساء. فأخرجَتهْ، فانطلَقنا بها إلى رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال عمر: يا رسولَ اللَّهِ، قد خانَ اللَّه ورسولَه والمؤمنين، فدَعني فلأضرِب عنقَه، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: ما حَمَلَك على ما صنعتَ؟ قال حاطب: والَّلهِ ما بي أن لا أكونَ مؤمناً باللَّه ورسولهِ -صلى الله عليه وسلم-، أردتُ أن يكونَ لي عندَ القوم يدٌ يَدفَعُ اللَّهُ بها عن أهلي ومالي، وليس أحدٌ من أصحابِكَ إلاَّ لهُ هناكَ من عَشيرتِه مَنْ يَدفَعُ اللَّهُ بهِ عن أهلهِ وماله، فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: صَدقَ، ولا تَقولوا لهُ إلا خيراً، فقال عمرُ: إنهُ قد خانَ اللَّهَ ورسولَه والمؤمنين، فدَعني فلأضرِبْ عُنُقَه، فقال: أليسَ من أهل بَدر؟ فقال: لعلَّ اللَّهَ اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شِئتم فقد وَجَبَتْ لكُم الجنة، أو فقد غَفَرتُ لكم، فدمعَت عَينا عمر وقال: اللَّهُ ورسولهُ أعلم).
أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، والترمذي، وأبو داود في الجهاد، وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>