للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد به أن خال الزوج قد أصبح خالاً شرعياً للزوجة، وقد كان العرب يدعون الشخص إذا كان كبيراً في السن وعمره أكبر من عمر المتكلم يا عم، وإذا كان أصغر من عمر المتكلم يقولون يا ابن أخي، ويدعون المرأة إذا كانت أكبر من المتكلم يا أماه أو يا عمتاه أو يا خالة، ولا يريدون بهذه الكلمات العم أو ابن الأخ الحقيقي ولا العمة أو الأم أو الخالة الحقيقية.

[تحريم قول الرجل لزوجة ابنه أنه يريد الزواج بها]

س: حدث أن رجلاً قال لابنة أخته وزوجة ابنه بأنها إذا أرادت إحداهما أن يكون زوجاً لها فلا مانع لديه وكان ذلك بسبب شجار بينه وبينها ثم إنه تعرى أمام الناس وأمامها، فما هو الجواب؟

جـ: زواج الرجل من بنت أخيه أو بنت أخته لا يجوز وهو محرم تحريماً قطعياً وقد دل على تحريمه القرآن الكريم في قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} (١) كما أن زواج الرجل من زوجة ابنه محرم أيضاً بل هو من المحضورات القطعية المذكورة في القرآن الكريم في قوله تعالى {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} وهكذا يحرم الإسلام الزواج بالمرأة المحصنة في قوله تعالى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} (٢) أي المزوجة كما جاء في القرآن الكريم، وإذا صح وتقرر أن رجلاً يحاول الزواج بابنة أخيه المزوجة بابنه فهو يحاول أن يعمل عملاً محضوراً قطعياً من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أنها ابنة أخيه. الوجه الثاني: أنها حليلة ابنه. الوجه الثالث: أنها محصنة أي مزوجة، ولعل في السؤال مبالغة أو لعل الرجل المذكور الذي جاء في السؤال بأنه يقول: إنه سينكحها، وأما إذا كانت تريد أن تتزوج به فلا مانع عنده من ذلك لعله قال هذه المقالة في حالة غضب أو لعله مصاب بنوع من الجنون لأن كل مسلم عاقل يعيش في بلاد مسلمة عارف بأن زواج البنت بعمها حرام بالإجماع، وأن زواج زوجة الولد بوالد زوجها محضور بالإجماع، وأن زواج المتزوجة محضور بالإجماع، وإذا كان مجنوناً فالمجنون غير مخاطب بالشرعيات وقلم التكليف مرفوع عنه في الحديث النبوي الشريف (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَشِبَّ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ) (٣) وإذا كان في حالة غضب فيجب عليه أن يتوب ويندم على ما صدر منه من قوله لزوجة ابنه وبنت أخيه في نفس الوقت بأنه سيتزوج بها إذا كانت تريد ذلك، وعليه التوبة النصوح وهو أن يندم على ما صدر منه ويعزم على عدم العودة إلى هذا القول الذي لا يصدر من مسلم ولا يتفوه به مؤمن، وأما كون هذا الرجل تعرى أمام المرأة وأمام الحاضرين من الناس فلا شك أنه قد عمل ما هو محرَّم شرعاً ولكنه قد عمل ما هو أعظم من التعري أمام الناس الحاضرين والمرأة وهو أنه قال لها أنه سينكحها أو سيتزوج بها إن كانت موافقة على زواجه بها في حين أن المسلمين جميعاً لا فرق بين العالم منهم والجاهل والأمي والمثقف يعرفون أن الزواج بابنة الأخ وزوجة الولد حرام بأدلة الكتاب والسنة والإجماع.

والخلاصةهي:


(١) - النساء: آية (٢٣).
(٢) - النساء: (٢٤).
(٣) ـ سنن أبي داود: كتاب الحدود: باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً. حديث رقم (٤٣٩٨) بلفظ (عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَشِبَّ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود بنفس الرقم.
أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>