للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الأول: الوصايا]

[وجوب الوصية على من له مال وندبها على من ليس له مال وعليه دين]

س: ما حكم الوصية؟

جـ: الوصية واجبة على كل من عليه دين و له مال، أما من كان فقيراً ولا يملك أيَّ مال وعليه دين فيندب له أن يوصي بقضاء الدين لعل الله ييسر محسناً يتصدق عليه فيقضي دينه لحديث (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ) (١)، وتكون الوصية مندوبة لمن يريد أن يوصي بصدقة جارية أو بأيِّ قربة من القرب.

س: هل يجوز مطالبة الأب بعمل وصية في حياته أم حين موته أم لا تجوز؟

جـ: لا مانع لكل إنسان أن ينصح غيره بأن يعمل وصية سواء كان الناصح ولداً أو والداً أو قريباً أو بعيداً وسواء كان الذي سيوصي مريضاً أو معافاً، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى المسلم بأن يوصي في حديث (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)

[جواز الوصية لبعض الأولاد لمقابل تكاليف زواجهم إذا كان الموصي قد زوج الأولاد الكبار]

س: إذا مات الرجل عن بعض أولاده وهم لم يتزوجوا فأوصى لهم من التركة بحق لمقابل تكاليف زواج كل منهم، فهل يصح ذلك؟

جـ: إن كان قد زوّج واحداً أو اثنين أو أكثر من الأولاد الكبار فيجب عليه أن يوصي للأولاد الصغار بإخراج تكاليف زواجهم، وإذا لم يوص فيجب على القاضي الذي سيقسم المال بينهم أن يخرج تكاليف زواج الأولاد الصغار، لماذا؟ لأنه من باب التسوية بين الأولاد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُم) (٢)، فيجب على من كان قد زوّج أولاده الكبار أو أحد أولاده من ماله الخاص أن يوصي للآخرين من باب المساواة بين الأولاد، وهذا هو رأي العلماء عملاً بالحديث السابق، أما قانون الأحوال الشخصية بالجمهورية اليمنية فقد أوجب على الأب أن يوصي بأجرة تعليم الولد الصغير فإذا كان قد درس الولد الأول ومات وقد تخرج من الثانوية بينما الولد الثاني لا زال في المرحلة الابتدائية أو لا زال صبياً، فيوجب القانون الوصية بنفقة تعليمه.


(١) - سنن النسائي: كتاب الوصايا: باب الكراهية في الوصية. حديث رقم (٣٥٥٧) بلفظ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)
أخرجه البخاري في الوصايا، ومسلم في الوصايا، والترمذي في الوصايا، وأبوداود في الوصايا، وابن ماجه في الوصايا، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة.
(٢) - صحيح البخاري: كتاب الهبة: باب الإشهاد في الهبة. حديث رقم (٢٤٤٧) بلفظ (عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ، قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ).
أخرجه مسلم في الهبات، والترمذي في الأحكام، والنسائي في النحل، وأبو داود في البيوع، وابن ماجة في الأحكام، وأحمد في مسند الكوفيين، ومالك في الأقضية.
أطراف الحديث: الهبة، والشهادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>