للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استيقظوا ندموا وإذا ندموا لم ينفعهم ندمهم) وسواء كان من كلام الإمام (علي) رضي الله عنه كما هو المشهور، أم من كلام (التستري) كما قاله (الشعراني) في طبقاته وسواء قد جاء باللفظ الأول أم باللفظ الذي ذكره (الشعراني) عن (التستري) فهو على كل حال ليس من الأحاديث النبوية الشريفة المرفوعة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فمن زعم أنه حديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو قام خطيباً يعظ الناس ويذكرهم ويقول لهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الناس نيام فإذا ماتوا استيقظوا) فلا تصدقوه لأنه لو كان من الأحاديث المرفوعة لذكره علماء السنة المطهرة المختصين بذكر الأحاديث النبوية من المتقدمين والمتأخرين ولم نجده في كتب المتقدمين ولا في كتب المتأخرين من حفاظ السنة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وإنما وجد في كتاب (إحياء علوم الدين) لـ (الغزالي) رحمه الله وقد نص العلماء على أن حجة الإسلام (الغزالي) من أكبر علماء الإسلام في الأصول والفقه والتصوف وغيرها من العلوم التي برز فيها هذا الإمام حتى لقب بحجة الإسلام ولكنهم مجمعون على أنه لم يكن حجة في علم السنة النبوية، وأن كتاب (الإحياء) قد جمع أحاديث كثيرة بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف وبعضها موضوع وبعضها موقوف على الصحابي وبعضها من كلام أحد التابعين كما لا يخفى على كل من اطلع على تخريج (الإحياء) الذي ألفه الحافظ (زين الدين العراقي) أو مختصره الذي ألفه (الفيروز آبادي) أو (شرح الإحياء) لـ (المرتضى الزبيدي)، والإمام (الغزالي) نفسه قد اعترف بقلة بضاعته في علم الحديث كما حكاه عنه الشيخ (عبدالفتاح أبو غدة) العلامة السوري المعاصر وغيره من العلماء حيث قال الإمام الغزالي نفسه (بضاعتي في الحديث مزجاة).

وممن نص على أن كتاب (الإحياء) ليس من المصادر التي يرجع إليها في معرفة صحة الحديث وعدمه (الحوت البيروتي) في آخر كتابه (أسنى المطالب) وذلك لأنه جمع فيه الصحيح والحسن والضعيف والموضوع والموقوف وعلى هذا الأساس فليس صاحب (الإحياء) ممن يوثق بكلامه إذا رفع الموقوف أو احتج بالضعيف أو الموضوع ولا سيما إذا عارض كلامه من هو أعلم منه بالأحاديث الصحيحة وغير الصحيحة والمرفوعة والموقوفة مثل هذا الحديث الذي جاء في السؤال فقد عارض كلامه كلام علماء الحديث المتخصصين وعلى رأسهم (القاوقجي) الذي صرح بأنه ليس مرفوعاً و (ابن طاهر) و (الشوكاني) اللذان نقلا عن (الفيروز آبادي) أنه من كلام علي رضي الله عنه، وأقره على ذلك كما نسبه إلى الإمام (علي) رضي الله عنه (الملا علي القاري) و (السخاوي) و (السيوطي) و (الديبع) و (العجلوني) و (الزرقاني) و (البيروتي) وغيرهم من المحدثين كما نسبه (الشعراني) إلى (سهل التستري)، هذه خلاصة ما قيل في حديث (فإذا ماتوا استيقظوا) والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وعليه المرجع والمآب وهو ولي الهداية والتوفيق وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

[س: هل حديث (الناس نيام فإذا ما ماتوا انتبهوا) ضعيف أو صحيح؟]

جـ: اعلم أن هذا الحديث لا وجود له في كتب السنة النبوية المرفوعة إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا بسند صحيح ولا ضعيف بل ولا جاء معضلاً ولا معلاً لا في الأمهات الست ولا في غيرها من المعاجم أو الأسانيد ولا ذكر في الكتب التي ألفها العلماء الأولون في الكتب الموضوعة كـ (ابن الجوزي) و (الصاغاني) ولكنه موجود في كتب الأحاديث الموضوعة التي ألفها المتأخرون مثل (القاوقجي) مؤلف (اللؤلؤ المرصوع في الحديث الموضوع) الذي نفى أن يكون هذا الحديث مرفوعا إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكن هذا من قول الإمام (علي بن أبي طالب) كرم الله وجهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>