للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد ويعيش راكناً على شيء قد فهمه وانكشف الأمر بخلافه وعلى الضد مما كان قد توهمه كما وقع لبعض الملوك الذين كانوا يصدقون المنجمين ويعتمدون على أقوال أهل الرمل والعرافين، ولهذا جاءت الأحاديث بالنهي عن إتيانهم وتصديقهم كما في حديث (مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (١).

[تحريم الشعوذة والاعتقاد في المشعوذين وتصديقهم]

س: يزعم رجل أنه صحى من نومه وبجانبه خنجر ومسبحة طويلة وأنه بهذه الأشياء يستطيع أن يشفي المرضى ويعلم أشياء خفية ويضرُّ بواسطتها أو ينفع كما يدعي ومع الأسف فقد انخدع به بعض العوام وصدقوا مزاعمه هذه، فما هو حكم الإسلام في هذا الدجال المشعوذ؟

جـ: اعلم أن هذه خرافات لا أصل لها من الصحة وترهات لا مستند لها من الدين ولا من العلم ولا ينبغي لأيِّ عاقل أن يتردد في الحكم عليها بأنها من أعمال الدجالين ومن دعايات الكذابين وأن هذه الأشياء ليست على شيء من الحقيقة، وأن الذي خلقها ونشرها هم أناس أقعدهم العجز والجهل والكسل عن العمل الشريف والكسب الحلال فوسوس لهم الشيطان بأن يضللوا الناس بهذه العقائد ليأكلوا أموال الناس بالباطل فلا يصدقهم إلا جاهل ولا يعتقد هذه العقيدة إلا غافل لا عقل له فلا تصدقهم ولا تصدق من ينشر هذه الخرافات عنهم وجادلهم بالتي هي أحسن لأن هذه الخرافات لا تستند إلى دليل شرعي صحيح ولا يقرها علم الطب لا الحديث ولا القديم.

س: إذا ولد لرجل ولد ثم جاء له من بعد الولد أولاد ولكنهم ماتوا وجاء من يقول له بأن هذا الولد به شوعي في رأسه ولا يبقى الأولاد بعده إلا إذا أخرجوا منه هذا الشوعي ويذهبون إلى الجزار ليضرب على رأسه أو إلى مشعوذ آخر ليخرج طيراً من رأسه فإذا فعلوا ذلك عاش الأولاد الذين يلدون بعده، فهل هذا الفعل حرام أم أنه ليس بحرام؟

جـ: اعلم بأن جميع ما جاء في هذا السؤال لا أصل له من الدين الإسلامي الحنيف ولا يوجد له دليل من الكتاب العزيز ولا من السنة النبوية المطهرة ولا قال به أحد من الصحابة أو من التابعين ولا من العلماء المجتهدين أو المقلدين بل ذلك كله من الخرافات والأباطيل والعقائد الفاسدة التي ما انزل الله بها من سلطان والتي ورثها الجاهلون عن آبائهم المغفلين وعن أمهاتهم الجاهلات المغفلات، وقول من ولد له مولود عاش ثم ولد له عدة أولاد وماتوا وسبب موتهم هو أنه جاء لهم شيء في رؤوسهم (شوعي) وأنهم لا يعيشون أو لا يعيش الواحد منهم إلا إذا أخرجوا الشوعي من رأس الولد الأول وكيفية إخراج الشوعي من رأسه هو أن يوصلوه إلى الجزار أو يصل إليه الجزار فيضربه في رأسه إلى آخر ما جاء في السؤال، كل ذلك باطل باطل باطل وليس له أصل لا من الشرع ولا من العقل ولا من الطب القديم ولا من الطب الحديث ومن ادعى بأن له أصلاً في الشرع أو في الطب فهو كذاب مفتر أفَّاك دجال مشعوذ فلا تصدقوه بل كذبوه، وأعلموا الناس بأن ذلك كله كذب ودجل وشعوذة وإفك وافتراء وحذِّروا جميع من يعتقد أن ذلك العمل ينفع الطفل أو الأطفال وأن تركه يموِّت الطفل أو الأطفال من هذا الاعتقاد الباطل الذي لا يكاد يصدقه أيُّ عاقل.


(١) مسند أحمد: كتاب باقي مسند المكثرين: باب باقي المسند السابق. حديث رقم (٩١٧١) بلفظ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وقد صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (٥٩٣٩).
أخرجه الترمذي في الطهارة، وأبو داود في الطب، وابن ماجة في الطهارة وسننها، والدارمي.
معاني الألفاظ: الكاهن: كاذب يدعي معرفة الأسرار ومستقبل الزمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>