للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ: الرجوع عن الإقرار في باب الزنا جائز.

[سقوط حد الزنا بالرجوع عن الإقرار بالزنا]

س: بماذا يسقط حد الزنا؟ وهل يصح الرجوع عن الإقرار في باب الحدود عموماً وفي باب الزنا على الخصوص؟

جـ: يسقط حد الزنا بالرجوع عن الإقرار بالزنا أو بتكذيب الشهود أنفسهم أو بقيام قرينة تدل على كذب الشهادة أو الإقرار مثل أن تقر المرأة أو يشهد الشهود على الزنا وبعد الكشف توجد المرأة رتقى أو لم تفض بكارتها، فهذا قرينة على أن الإقرار أو الشهادة شهادة زور، وبناءً عليه يسقط عن المرأة حد الزنا، أما الرجوع عن الإقرار بالزنا في باب الزنى فيجوز الرجوع لأن ماعزاً قال يا قوم (ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي وأخبروني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلي، فلم ينزعوا عنه، فلما أخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: فهلا تركتموه وجئتموني به) وأما الرجوع عن الإقرار في غير الزنا فلا يجوز ولا يصح الرجوع عن الإقرار في باب القتل أو السرقة أو شرب الخمر أو غيره من الإقرارات.

(قصة سلطان مصر (قانصوه الغوري)

ويذكر المؤرخون أنه وقعت قصة في مصر أيام السلطان (قانصوه الغوري) حيث كانت امرأة لها عاشقان أحدهما تحبه ويحبها والثاني يحبها ولا تحبه وحدث أن دُعي زوجها لحضور وليمة عرس في حي الإمام الشافعي والمرأة أرسلت للرجل العاشق الذي تحبه بأن يأتي إليها والعاشق الثاني علم فبعد أن تأكد أن العاشق الآخر قد دخل عند المرأة عمل خطة لكشفهما متلبسين بالجريمة فجهز سلاليم للصعود إلى سقف البيت وأحضر القاضي والشرطي وذهب إلى حارة الإمام الشافعي لإحضار الزوج وإبلاغه فقال للزوج زوجتك في خلوة مع الرجل العاشق لها فلان فذهب إلى البيت مع هذا الرجل والقاضي والشرطي والنجار الذي سيقلع الباب وصعدوا السلالم ووصلوا إلى باب الغرفة التي فيها العاشق مع المرأة، فرفضت المرأة والرجل العاشق فتح الباب وقلع النجار الباب فاعترف الرجل واعترفت المرأة بالزنا وطلبت من زوجها سترها والعفو عنها على أن تعطيه حليها وكلما معها من الحلي والأموال، وطلب العاشق أن يعفى عنه ويعطي الزوج ما يريد من الأموال فرفض الزوج العفو عنهما وحرر القاضي الشرعي محضراً باعترافهما ثم علم السلطان (قانصوه) بالحادثة وطلب من القاضي الشرعي تحرير الحكم الشرعي لإجراء الحد عليهما وهو الرجم فحرر القاضي الشرعي الحكم بالحد عليهما وصادف أن اليوم الثاني يوم عيد توديع الحجاج في القاهرة فأجل السلطان تنفيذ الحكم إلى ما بعد الاحتفال بعيد سفر الحجاج وصادف أن محامياً أو وكيلاً من وكلاء الشريعة أرشد الزاني والزانية إلى الرجوع عن الإقرار فطلبا الحضور إلى القاضي فأذن لهما فحضرا إلى القاضي الشرعي فطلبا منه أن يكتب محضراً برجوعهما عن الإقرار فكتب على ظهر الحكم رجوعهما عن الإقرار وبعد الاحتفال بعيد سفر الحجاج طلب السلطان (قانصوه) من القاضي الحكم بإقامة الحد عليهما فأعلمه القاضي بأنهما قد رجعا عن الإقرار بالزنا، وأن الحد قد سقط عنهما فقال السلطان (قانصوه) هذا لا يكون بعد أن اعترفا أمام القاضي ووجدتموهما متلبسين في غرفة مغلقة عليهما، فجمع السلطان قضاة مصر من الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية وأحضر معهم الشيخ (زكريا الأنصاري) (وكان عمره تسعين سنة) وهو (آخر تلميذ لابن حجر العسقلاني) فسأل السلطان كل واحد منهم فكان يجيب عليه أنه يصح الرجوع عن الإقرار في الزنا وسأل الشيخ زكريا الأنصاري فقال يصح الرجوع عن الإقرار في الزنا فقال إلى ذمتك يا شيخ زكريا فقال إلى ذمة صاحب الضريح الإمام الشافعي فقال إذا نفذتُ الحد ماذا سيكون، قال أحد القضاة يحد السلطان بهما قصاصاً أو يسلم الدية لأنه يعتبر قتل عمد، فقال اذهبوا عني فقد عزلتكم جميعاً، ثم نصب المشنقة بجوار بيت

<<  <  ج: ص:  >  >>