للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يقنت لأن الإمام حاكم ومتابعته واجبة شرعاً، فلا يترك المؤتمّون الائتمام بالإمام لأنه لم يقنت ما دام وأنه غير مشروع على جهة الدوام عند بعض العلماء ومستحب عند الآخرين، كما أن المحافظة على وحدة الجماعة واجبة وأن الصلاة فرادى خارج الجماعة أو بجماعة أخرى معارضة للجماعة الكبرى لا ينبغي.

[مشروعية دعاء القنوت بالمأثور لا بالقرآن]

س: هل يصح دعاء القنوت بالقرآن أم أنه لا بد من دعاء القنوت؟

جـ: اعلم أن القنوت ثابت في السنة وفي كتاب (مجموع زيد بن علي) ولكن بالدعاء الذي علمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للحسن بن علي -رضي الله عنه- في حديث (اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ) (١) لا بالقرآن وإلى ذلك ذهب الجمهور، وذهبت الهادوية إلى أن القنوت لا يكون إلا بالقرآن سواء في قنوت الوتر أو قنوت الفجر واحتجوا بحديث (إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) (٢) (وأجاب الجمهور بأن المراد بالحديث أن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من تكليم الناس بعضهم بعضا، وعلى فرض أن المعنى ما قالوه فهو عام مخصوص بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من القنوت بغير القرآن.

[الأصح أن قنوت الوتر بعد الركوع]

س: هل دعاء القنوت قبل الركوع أم بعده؟

جـ: اعلم أن قنوت الوتر قد ورد قبل الركوع كما ثبت بعد الركوع ولكن قنوت الوتر بعد الركوع أصح وأرجح، وأما التأمين على ما يدعو به إمام الصلاة فقد وردفي حديث (قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي


(١) - سنن الترمذي: كتاب قيام الليل وتطوع النهار: باب الدعاء في الوتر. حديث رقم (١٤٢٥) بلفظ (عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ، عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ فِي الْقُنُوتِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ) صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي بنفس الرقم.
أخرجه النسائي في الصلاة، وأبو داود في الصلاة، وابن ماجة في إقامة الصلاة والسنة فيها، وأحمد في مسند أهل البيت، والدارمي في الصلاة.
معاني الألفاظ: القنوت: الدعاء.
(٢) - صحيح مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله. حديث رقم (١٢٤٦) بلفظ (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَال: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ! مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ: فَلَا تَأْتِهِمْ، قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ).
أخرجه النسائي في السهو، وأبوداود في الصلاة، وأحمد في باقي مسند الأنصار، والدارمي في الصلاة.
أطراف الحد يث: السلام.
معاني الألفاظ: كهرني: زجرني وعبس في وجهي. الكاهن: كاذب يدعي معرفة الأسرار ومستقبل الزمان. الطيرة: التشاؤم الذي يصد صاحبه عن العمل. يخطون: نوع من الكهانة، يزعمون معرفة الغيب باستخدام الرمل. … صك: ضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>