للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعال الأحياء إذا مروا بقبورهم؟ وهل صحيح بأن الصديق أو القريب إذا مر على قبر من يعرفه وسلم عليه بأن الميت يرد عليه السلام ويعرفه وهو في القبر؟

جـ: اعلم بأن السلام على الأموات لمن يزور المقبرة أو يزور أيَّ قبر أو يمر من المقبرة مشروع وقد دل عليه حديث عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عما تقوله إذا زارت القبور فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولي: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية) (١) وهذه المسألة لا خلاف فيها عند العلماء وما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في مشروعية السلام هو صحيح عند الحفاظ، وأما ما جاء في السؤال وهو أن من مر على المقبرة فيسلم على الأموات وأنهم أي الأموات يردون عليه أي على المسلم عليهم فقد ورد في كتب السنة ما يدل على ذلك ولكن الوارد في هذه المسألة لم يصحح الحفاظ أسانيده، ومثل هذه المسألة لا بد وأن يكون الحديث من الأحاديث الصحيحة أو الحسنة، هذا ومن الأحاديث الواردة في هذا الموضوع الدالة على أن الأموات يردون على الذي يسلم عليهم حديث عائشة الذي أخرجه بن أبي الدنيا في كتاب القبور بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس ورد عليه) وأما الحديث الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الدال على أن الأموات يسمعون خفق نعال الأحياء ليس عاماً في جميع الأوقات والحالات وإنما هو في وقت مخصوص وهو أن الميت عند أن يدفن بعد وضعه في قبره ويتولى عنه أصحابه يسمع قرع نعالهم في ذلك الوقت فقط كما نص على ذلك حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ولفظه (الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ: لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ) (٢) وعند أبن مردوية (ما كنت تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم الذي يقال له محمد قال فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبدالله ورسوله فيقال له أنظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيراهما جميعاً) قال قتادة الراوي للحديث عن أنس وذكر لنا (أنه يفتح في قبره سبعون ذراعا، ً وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال له لا دريت ولاتليت فيضرب بمطراق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين) والثقلان هم الإنس والجن.

والخلاصة: أن الحديث ينص على أن الميت يسمع قرع نعال الأحياء في هذه الساعة فقط وهي الساعة التي


(١) صحيح مسلم: سبق ذكره في هذا الباب من حديث سليمان بن بريدة برقم (١٦٢٠).
(٢) صحيح البخاري: كتاب الجنائز: باب الميت يسمع خفق النعال. حديث رقم (١٢٥٢) بلفظ (عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ: لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ).
أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، والنسائي في الجنائز، وأبو داود في الجنائز، السنة، وأحمد في باقي مسند المكثرين.
أطراف الحديث: الجنائز.

<<  <  ج: ص:  >  >>