للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ) (١) فمن ضم فقد عمل المشروع ومن لم يضم فلا حرج عليه سواءً ضم في جميع ركعات الصلاة أم في بعضها والكل غير ممنوع.

س: يقال أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التكفير في الصلاة والتكفير في الصلاة هو وضع الكف على الكف فوق الصدر، فنطلب منكم تبيين من أخرج هذا الحديث؟ وهل هو حديث له أصل في كتب السنة النبوية أم أنه لا أصل له فيها؟

جـ: اعلم بأن هذا الحديث الذي جاء في سؤالك المصرح بالنهي عن التكفير في الصلاة لم أطلع عليه في كتب الحديث وعلى من ذكره توضيح اسم الصحابي الجليل الذي رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوضيح المحدِّث الذي أخرجه وأسنده إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه لنعرف هل هو صحيح أو حسن أو ضعيف، وقد طالعت الكثير من مؤلفات من لا يقول بمشروعية الضم من الهادويين ومن مؤلفات غيرهم من العلماء الذين ألفوا في الحديث أو شرح الأحاديث أو في الفقه ولم أعثر فيها على حديث النهي عن التكفير في الصلاة، فمن قال عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن التكفير في الصلاة فهو مطالب بإسناد هذا الحديث لأن إسناد الحديث المرفوع إلى رسول الله ضروري ولازم ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ولا سيما إذا كان الحديث سيعارض أحاديث أخرى مرفوعة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومثل هذا الحديث الذي احتج به المحتج على تحريم أو كراهية الضم في الصلاة فإنه سيعارض عدة أحاديث متواترة وهي مرفوعة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دالة على مشروعية الضم في الصلاة فلا بدَّ لمن يريد الاحتجاج به أن يتثبت كثيراً ولا يرويه إلا بعد معرفة سنده من عند المؤلف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى فرض أن هذا الحديث موجود في كتب السنة فوجوده لا يكفي حتى تعرف صلاحيته للاحتجاج، فكم من حديث مروي في كتب الحديث معروف من رواه ومن أخرجه ولكنه عند أهل الحديث غير صالح للاحتجاج كما لا يخفى على كل من له إلمام بكتب السنة المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلوات والتسليم، وعلى فرض بأنه صالح للاحتجاج من جهة سنده لا يكفي بل لا بد أن يكون صالحاً للاحتجاج به من جهة المتن أي من جهة دلالة الحديث على الحكم المطلوب بأن يكون صريحاً في الدلالة على عدم مشروعية الضم في الصلاة، وهذا الحديث ليس فيه أيُّ دلالة على عدم مشروعية الضم في الصلاة لأن التكفير في اللغة ليس هو ضم اليد اليمنى فوق اليد اليسرى ووضعهما على الصدر حال القيام كما جاء في السؤال، وهذه كتب اللغة العربية التي بين أيدينا لم تصرح بأن التكفير هو و ضع اليد اليمني على اليسرى حال القيام ولا فسرت التكفير بهذا التفسير الذي جاء في السؤال بل إن كتب اللغة العربية تفسر التكفير بمعنى (الانكسار) قال العلامة ابن منظور اللغوي المشهور في كتابة (لسان العرب) ما نصه (التكفير أن ينحني الإنسان يطأطأ رأسه قريباً من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه) وفي الحديث كان يكره التكفير في الصلاة وهو الإنحناء الكثير في حالة القيام قبل الركوع هكذا قال ابن منظور في تفسير التكفير وهو من أكبر علماء اللغة ولم يذكر وضع إحدى اليدين على الأخرى حال القيام، أما العلامة اللغوي الفيروزبادي فقد قال في (القاموس المحيط) (والتكفير في المعاصي كالإحباط في الثواب وأن يخضع الإنسان لغيره وتتويج الملك بتاج إذا رؤي كفر له أي رآه رعيته لهذا التاج المخصوص خضعوا له) ولم يذكر وضع إحدى اليدين على الأخرى ويقول صاحب القاموس أيضاً (والكفر تعظيم الفارسي ملِكَه)، ويقول


(١) صحيح البخاري: كتاب الأذن: باب وضع اليد اليمنى على اليسرى. حديث رقم (٧٤٠) بلفظ (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)
أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، ومالك في النداء للصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>